أعرب عدد من المنظمات الحقوقية عن القلق إزاء تصاعد حدة جرائم العنف الطائفى واستهداف الأقباط وكنائسهم منذ اندلاع الموجة الثانية من ثورة 25 يناير 2011 فى 30 يونيو 2013 حتى الآن، كما أدانت تلك المنظمات بشدة خطابات التحريض والكراهية الدينية التى تطلقها رموز من جماعات الإسلام السياسى وعلى رأسها جماعة الإخوان وحلفائها بغية تحقيق مكاسب سياسية، كما سجلت تلك المنظمات إدانتها لاستمرار تقاعس مؤسسات الدولة عن توفير الحماية الواجبة لمواطنيها، وقد ظهر ذلك فى شمال سيناء والمنيا وقرية بنى أحمد ذات الأغلبية المسيحية والأقصر وأسيوط وبعض محافظات الصعيد، ولم يكن ذلك مفاجأة لأحد، حيث دأبت تلك الجماعات على خطاب الفتنة وممارسة التمييز.
منذ أن تولى السادات السلطة فى مصر عام 1971 لم تستطع الدولة المصرية أن تملك جرأة تقديم علاج لمشوار الفتنة الطويل الذى عانى منه الشعب المصرى، والذى قدم الدليل تلو الدليل على وحدة نسيجه الوطنى فى جميع الأزمات التى مر بها فى تلك السنوات الصعبة، كما قدم المصريون المسيحيون أنصع الأدلة على الوطنية والتضحية بالدماء فى سبيل الحفاظ على وحدة الوطن وتماسك نسيجه.
رغم كل المحاولات التى جاءت من الخارج، حيث يستهدف العدو إضعاف مصر، وجاءت من الداخل، حيث سادت تيارات متأسلمة ربطت بين الغرب وقبط مصر، وقد ساعدهم على تلك النظرة أجهزة دولة متواطئة ومقصرة فى الدفاع عن مواطنيها، ولم يكن القبط هم المستهدفين فقط، إنما كل أصحاب العقائد الدينية المختلفة عن مذهب الغالبية من شعب مصر ولعل ما حدث للشيعة هو خير دليل على هذا التقصير، وهناك سجل كامل من الأحداث الدامية منذ 1971 حتى الآن يكشف ما تعرض له أهل مصر من القبط، وتقاعس أجهزة الدولة فى الكشف عن الجرائم وأسبابها ومن يقف خلفها، ويكفى أن نشير هنا لواقعتى كنيسة القديسين وكذلك ما وقع فى ماسبيرو، وحتى لا نساهم فى تعميم الاتهامات فيظن البعض أننا نتناول بالاتهام إخوتنا المصريين المسلمين - حاشا لله – حيث أكدت الثورة فى موجتيها الأولى والثانية العيش الواحد والحلم الواحد لشعب مصر الذى امتلك القدرة على مواجهة الاستبداد والتخلف والرجعية الدينية، وذلك عبر تاريخ النضال المشترك الذى اختلط فيه دماء المصريين مسلميهم وأقباطهم والتى سوف تتكسر عليها كل محاولات الفتنة وقسمة الوطن، التى يقوم بها جماعات ظلامية تصورت أنها أخذت أقباط مصر رهائن عندها تبلغ عبرهم رسائل إلى الغرب المتفهم والعامل على رعايتهم من أجل تحقيق مشروع الفتنة ذلك، وقد استخدموا العديد من الوسائل التى تعبر عن مفهومهم للرهينة من علامات تميز لمنازلهم وإحراق كنائسهم وترحيل قسرى لهم من بيوتهم وقتل على الهوية حتى ولو كانت طفلة أو رجل دين كما حدث فى سيناء، وقد كشفت خطابات جماعة الإخوان عن مخزون هائل من التمييز والكراهية لقبط مصر، وبالذات بعد موقف البابا تواضروس الوطنى والذى أخذه مع الإمام الأكبر فى الدفاع عن مدنية الدولة المصرية، بعد انقلاب محمد مرسى بإعلانه الدستورى الديكتاتورى الذى أعطى فيه لنفسه حق القداسة، بحيث لا يرد له ولا يراجع على قول أو طلب.
وبعد ذلك كله مازلنا نبحث عن تفسير حقيقى وصريح للتواطؤ الواقع من أجهزة الدولة، وعلى رأسها الإدارة العتيقة وأجهزة الأمن المصرية والتعليم والتى تكشف عن عمق التمييز داخلها مما يهيئ التربة لفكرة الرهينة.