ايجى ميديا

على أرض مصر الآن تدور حرب خفية، حرب مخابرات شرسة، المعلومات الدقيقة والكافية تلعب دورها بمهارة.

تلك الحرب التى شنت على مصر بدأت تشتد منذ أن سقط مبارك، وهى الآن فى قمتها مشتعلة وكل يوم جديد شائعات وتمويهات وتهيئة مناخ وتمهيد وتطوير هجوم وظهور ناس واختفاء آخرين، دخول أناس غامضين وخروج غامضين بث أخبار حقيقية وكاذبة وتلفيق تهم وتدوير عقول وتدوير كاميرات.

مصر يدور على أرضها أشرس حرب مخابراتية على مدار تاريخها، لكننا نتسلح بالعلم وكل الخطط تبدو مكشوفة، روح جمال عبد الناصر فى الحكم تسبح فى سماء مصر، القائد العام قارئ جيد للتاريخ ويبدو أنه دارس جيدا للزعيم جمال عبد الناصر دراسة أركان حرب وتكتيكات وتحركات، ويبدو أن محمد حسنين هيكل فى الخلفية فهو الرجل الذى عاش التجربة بنجاحها وفشلها وتعلم من الأخطاء ونضجت الأفكار بعد مرور الزمن وبعد التقرب من الأمريكان منذ منتصف السبعينيات وصداقة هنرى كسنجر وروكفللر الصديق القديم. هيكل نقل كل خبرته السياسية إلى القيادة العامة، لذلك مصر الآن تدار بقرارات وطنية خالصة واستراتيجية هى الأقوى والأشرس فى تاريخها منذ قرار فك الاشتباك الأول بعد حرب أكتوبر. الناس تسير فى اتجاه ومعهم العالم وقيادة مصر تسير فى اتجاه معاكس تماما وتفاجئ الجميع لاكتساب الوقت. قد لا يفهم كل الناس ما يدور لكن الحقيقة أن الوقت هنا هو عامل أساسى فى اللعبة ما بين الدولة والاخوإن وأعوانهم، تلك الجماعة هى من أقذر وألد الأعداء التى تواجهها مصر على مر تاريخها. عدو من الداخل يتآمر عليها ويريد أن يفتك بها الإخوان على استعداد أن يحرقوا مصر كلها ويحرقوا شعبها من أجل مصلحتهم الخاصة ومن أجل التنظيم. كل تلك الزيارات من الخارج والمباحثات والضغوط والصفقات أو فى ما يبدو أنها صفقات، والمقابلات كل ذلك ما هو إلا تكتيك لاكتساب الوقت وتركيز الكاميرات العالمية تجاه القاهرة لأن المهم الآن والأولوية هى سيناء. تأكدوا عندما تنتهى القيادة من تطهير سيناء سيفض الميادين الإخوانية خلال ساعات ولن تتم أى صفقات ولن يخرج مرسى من السجن إلا بعد محاكمته ولن يخرج قيادى واحد من الإخوان تورط فى قضايا تمس الشعب أو تمس الأمن القومى وما زالت الزنازين تنادى على أصحابها وما زالت القضايا مفتوحة، والأشخاص المتورطون أكثر مما نتخيل، ومن يظن أنه بعيد وغسل نفسه فهو يعيش فى الوهم، الكل سيلقى حسابه على خيانة الأمة ولن يكون هناك شىء اسمه الإخوان فى مستقبل مصر القريب فخيانتهم فاقت كل التوقعات وكل الحدود فقد تحالفوا مع الشيطان وشعروا بأن الشيطان سيحميهم.

آخر ذلك التحالف كان ما بين التنظيم الدولى وبين أعضاء فى الكونجرس الأمريكى، على رأسهم جون ماكين فالخطة القذرة وضعها الأمريكان ويمولها القطريون ويساعد على نجاحها الأتراك. الخطة كانت تسير على ما يرام إلا أنها تعقدت بتعنت القيادة المصرية فى عدم خروج مرسى تحت أى مسمى ولو تتبعنا الخطوات التى قام بها الإخوان خلال الأسابيع الأخيرة سنعرف الحقيقة كاملة لخيانتهم العظمى للبلاد وسيرهم وفق المخطط الأمريكى فقد قام القادة منهم فى رابعة بعقد جلسات لمجلس الشورى وشكلوا وزارة وأعلنوا عنها من على المنصة وصرح حجازى بأن هناك حدثا ما سيتم يوم السبت ويكون مرسى بينهم يوم الأحد، الرجل لم يكن كاذبا أو مخادعا عندما قال هذا فالخطة هى خروج مرسى من السجن نتيجة الضغوط الأمريكية ويفض الاعتصام ويتجه مرسى إلى إحدى تلك المحافظات شمال سيناء أو قنا أو مرسى مطروح وقد استقروا على الأخيرة لكثافة الوجود الأمنى فى شمال سيناء ولصعوبة التنفيذ فى قنا ويذهب إليه الإخوان ليبايعوه ومعهم كل التيارات الإسلامية المؤيدة له ويعلن من هناك إقامة الدولة المصرية الإسلامية، ويعلن عن تشكيل الحكومة التى أعلن عنها فى رابعة ويعلن كذلك إعادة العمل بدستور 2013 المعطل، وأولى الدول التى ستعترف بها هى تركيا ويتبعها قطر ثم الأمريكان تحت بند أخلاقى وهو الحفاظ على الشرعية، وكان أول من يصلها مؤيدا لقيامها هو وزير الخارجية التركى ويتبعه بقية وزراء الخارجية من الغرب للاعتراف بشرعية مرسى ودولته وتقع هنا مصر فى مستنقع الانقسام وتبدأ الحرب الأهلية تشتعل بتأييد عالمى وتدخل مصر وشعبها سنوات الضياع، وهو بالضبط ما تريده أمريكا من مصر حتى تنتهى تماما من رسم المنطقة من جديد مما يتماشى مع المصالح الأمريكية فقط، وليس كما يفهم البعض من أجل إسرائيل فوجود إسرائيل هى الأخرى ما هو إلا من أجل المصالح الأمريكية، لكن القرار الوطنى يحكم مصر وروح جمال عبد الناصر تحوم على شعبها وتقطر عطرًا نديًّا عليه، وتحنو عليه لأنه يستحق ذلك وأكثر.. سلامٌ عليك يا عبد الناصر.