لا أجد تفسيراً منطقياً لصمت الغرب المتباكى على الديمقراطية وحقوق الإنسان، إزاء ما حدث للأقباط فى المنيا، حيث تم إضرام النيران فى بيوتهم، وتم التهجم على إحدى الكنائس التى كتب على جدرانها كلمة «إسلامية» وعبارات أخرى تهاجم «عبدة الصليب»، كما رفعت عليها تلك الأعلام السوداء البغيضة التى شاهدناها فى اعتصام رابعة وفى كل مظاهرات الإخوان السابقة، أعلام تنظيم القاعدة الإرهابى الذى يفترض أن ذلك الغرب الصامت يحاربه، ويحارب أتباعه فى جميع أنحاء العالم.
إن ذلك يحدث فى الوقت الذى يطالب فيه الغرب بالحنو على مغتصبى حقوق الشعب فى الحياة الآمنة فى «رابعة» وفى ميدان نهضة مصر والذين فاض بهم الكيل حتى هددوا بأنهم قد يضطرون لفض الاعتصام بأنفسهم وهو ما ينذر بحمام دم لا يريده أحد.
إن قراءة الصحف الغربية تشير بكل وضوح إلى أن الاهتمام الأول للغرب الآن هو ضمان سلامة الإخوان وأتباعهم وتأمين مصالحهم السياسية، أما الأقباط الذين طالما تعلل بهم الغرب كلما أراد الضغط على حكوماتنا السابقة متهماً إياها بعدم التصدى لمن يضطهدونهم، فلا يكاد يأتى لهم ذكر فى هذه الصحف التى لم تسمع بما جرى فى المنيا رغم أنه قد مر عليه حوالى أسبوع الآن، فما هى الحكاية، ولماذا لا يعلو صوت فوق صوت رابعة؟
إن هناك عدة مؤشرات قد تكون ذات صلة بهذا الاهتمام المحموم بالإخوان وبتلبية طلباتهم، أولها تلك الاتهامات الموجهة الآن ضد الرئيس الأمريكى باراك أوباما بأن علاقته بالإخوان لم تكن فوق مستوى الشبهات، ولقد تحدث عدد من أعضاء الكونجرس عن مبالغ دفعت للإخوان دون وجه حق، أو من خلف ظهر الأجهزة الرسمية، وقيل إنها وصلت إلى 8 مليارات دولار.
فى نفس الوقت، نقل عن نجل نائب مرشد الإخوان خيرت الشاطر أن والده يملك من المستندات ما يدين الرئيس الأمريكى، وذلك وسط أزمة سياسية حادة تحيط بـ«أوباما» وتهدد مستقبله السياسى، حيث تشهد الولايات المتحدة الآن حملة شعبية تطالب بعزل باراك أوباما ومحاكمته على ما اقترفه من أعمال تمثل - على حد قول المنتمين لهذه الحملة - انتهاكات صريحة للدستور.
إن مثل هذه الأنباء، لو صحت، فهى تنذر بفضيحة سياسية كبرى قادمة ستتخطى أبعادها حدود مصر وتنظيم الإخوان.