كثر الحديث فى الآونة الأخيرة، خصوصًا بعد ثورة 30 يونيو، حول دور قناة «الجزيرة» وهل هو دور مشبوه أم منبر للرأى؟ وقرأنا مقالات تبريرية من بعض الضيوف من الرموز من مختلفى الاتجاهات بعد الثورة، توضح أسباب ظهورهم فى القناة رغم ما يثار حولها من شبهات، بل إن أغلبهم من الذين ذهبوا إلى الدوحة خصيصًا لشرح وجهة النظر المخالفة للإخوان والقناة!! وعلى العكس قرأت مقالات معادية لهذه القناة ودورها المشبوه ونقدًا للذين يظهرون فيها متهمين إياهم ببيع الوطن مقابل آلاف الدولارات والسفريات المشبوهة والإقامة فى الفنادق الفاخرة فى الدوحة (عاصمة قطر) ومقر قناة «الجزيرة».
وبين هذا وذاك أود شرح ما يلى:
1- للحق أن قناة «الجزيرة» لعبت دورًا فى الحراك السياسى فى الوطن العربى عمومًا، وأتيحت للجميع الفرصة مع غلبة الاتجاه الأمريكى، وتحت عباءة الرأى والرأى الآخر، أتاحت الفرصة للإسرائيليين فى الظهور، حتى قيل عنها إنها تسهم فى التطبيع مع العدو الصهيونى، وتركز نقدى فى إحدى المقالات القديمة للقناة حول هذه النقطة.
2- كنت ضيفًا فى قناة «الجزيرة» الإخبارية بين وقت وآخر وليس بصفة مستديمة، وكذلك فى قناة «الجزيرة مباشر» بعد ثورة 25 يناير.. وكانوا يتعاملون معى باعتبارى ضيفًا ثقيلًا عليهم، حتى إننى كنت أمثل الاتجاه الآخر بصعوبة شديدة.. حتى كان آخر لقاء منذ عدة أشهر، بعدها قررت عدم الظهور نهائيًّا فى أى من قنواتها، حيث فوجئت بظهور أحد الإرهابيين القدامى دون علمى وقبل الهواء بثوانٍ، ونحن فى الاستوديو ومعى لواء كنت أظنه من المحترمين، فوجدته من الانتهازيين، ووجدت المذيع يغبن حقى ويدير الحوار حسبما أجندة الإخوان والمتأسلمين ليختتم فجأة، فشعرت بالمؤامرة فوجّهت لهم ولأسرة البرنامج نقدًا ودرسًا قاسيًّا بشأن المهنية المفقودة، واضطررت للمغادرة وسط غضب عارم، وأبلغتهم بأن هذه آخر مرة لى فى القناة.
3- اتصل بى مسؤولو القناة من القاهرة ومن الدوحة مرات عديدة لا حصر لها، وبإلحاح قبل 30 يونيو وبعدها، وفى كل مرة أعتذر لأنهم يفتقدون للمهنية وأنهم منحازون للإخوان وأجندتهم الأمريكية، فكانوا يردون بالأسلوب الناعم ونحن ندعوك لتقول رأيك، فأرد أنتم تدسون السم فى العسل، وتريدون التغطية بنا لدعم مصداقيتكم المفقودة، ولن أعطيها لكم.. وقد اضطررت إلى فتح صوت التليفون لمتحدث من الدوحة ذات مرة أمام عدد من الرموز الحضور فى اجتماع حتى يسمع الكل موقفى ولتكون شهادة حية.. كما عرضوا علىّ الدعوة للحضور إلى الدوحة أسبوعيًّا، فى أكثر من مناسبة، خصوصًا بعد 30 يونيو ورفضت وكان ردهم على رفضى: ولماذا ترفض وفلان وفلان وغيرهم يحضرون؟! فكان ردى فليذهب من يذهب.. أما أنا جمال زهران لن أذهب إلى الدوحة التى لم أدخلها فى حياتى، ولن أشارك فى جريمة منحكم المصداقية، وتثبيت المهنية الشكلية.. ومع ذلك الرفض القاطع منى، فسيل الاتصالات مستمر والرفض الحاسم مستمر.
4- فى ضوء ما أوضحته، فإن الزملاء الذين قرروا الذهاب إلى الدوحة أسبوعيًّا أو أكثر ولم يكتفوا بأن يقولوا رأيهم فى القناة فى القاهرة، وضعوا أنفسهم فى شبهة سياسية لا مبرر لها.. وقد اعترفوا فى مقالاتهم بما تعرّضوا له من مضايقات فى الحوار وانحياز من المذيعين للطرف الآخر الأمر الذى يؤكد عدم مهنيتهم، ومع ذلك يبررون تصرفاتهم بأنهم ذهبوا ومستمرون مع القناة!! فعلى الرغم من موقف القناة المنحاز لصالح الإخوان، وهو الخط الأمريكى نفسه وأجندة المخابرات الأمريكية، وضد الشعب المصرى وثورته بصورة سافرة، نجد رموزًا مصرية تظهر فى القناة ويبررون تصرفاتهم وظهورهم بأنهم يدافعون عن الرأى الآخر!! ولولا أن من بينهم وهم عدد محدود أثق فى حسن نيته، لاتهمتهم بالخيانة العظمى، لأننا فى وقت الحسم، وعلى هؤلاء خصوصًا حسنى النية أن يحسموا أمرهم لصالح الوطن.
- لقد سبق للجمعية الوطنية للتغيير وعدد من جماعات شباب الثورة الأنقياء والحقيقيين، أن حذروا فى بيانات رسمية من قناة «الجزيرة» وطالبوا الرموز بمقاطعتها، ولم يستجب سوى القليل وكنت وراء هذه البيانات منذ عدة أشهر.. والآن على الرموز أن يحددوا موقفهم وأن يعتذروا عما بدر منهم، خصوصًا الذين ظهروا بعد 30 يونيو، وإلا فإن الشبهة ستلاحقهم وربما يرفع شباب الثورة شعار «امسك فلول الجزيرة» لفضح هؤلاء وغيرهم.
لقد سقطت «الجزيرة» نهائيًّا فى مستنقع المهنية الزائفة وورطت الكثيرين معها، ولنعلنها مدوية باسم الثورة.. قاطعوا «الجزيرة» حتى غلقها فى القاهرة، لأنها لا تحترم الشعب المصرى وثورته فى 30 يونيو.. الثورة مستمرة حتى النصر بإذن الله، وما زال الحوار متصلًا.. وكل عام وأنتم بخير.