«مستني إيه يا سيسي».. تلك هي العبارة الأكثر انتشارًا على صفحات التواصل الاجتماعي وعلى ألسنة الناس في كل مكان تأخذك إليه قدماك هذه الأيام.
لماذا ينتظر الفريق أول عبد الفتاح السيسي كل هذا الوقت في فض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية، وهو المدعوم بتفويض أكثر من ثلاثين مليون مواطن خرجوا ليقولوا لا للإرهاب, ويؤكدوا على رفضهم لحكم الإخوان ؟
ليس هذا السؤال سؤالًا ساذجًا ولا قصير النظر, رغم الأخطار والاعتبارات السياسية في الداخل والخارج, والإرهاصات الفكرية والسياسية المتداخلة والمتشابكة, ومحاولة إيجاد الحل السحري الذي يمنع سقوط الضحايا ولن يأتي, فالمؤامرات التي تحاك ضد الوطن أكبر وأخطر وأعظم شأنًا فيما لو تأملناها ووقفنا على مخاطرها بوضوح, فالعبث بمقدرات البلاد أصبح على قدم وساق، والحراك الدولي المشبوه، بما فيه زيارات منتصف الليل، بات مفضوحًا وبحاجة إلى قرار حاسم.
كان من الممكن جدًا أن يخوض الجيش عملية جراحية سريعة وفعالة بعد تفويضه مباشرة, ربما يسقط فيها ضحايا, لكن هذا التأخير للأسف أصبح عنصر قوة للإخوان المسلمين وتواجدهم في بؤر الاعتصام, وفي المقابل عنصر تكدير للأمن العام وتنغيص لحياة المواطنين ومصدر خطر على البلاد, وكلما طالت فترة الاعتصام وأمد المواجهة تغيرت قواعد اللعبة وعناصر المواجهة, فإما أن تتغير وتصبح ضد الإخوان, وإما أن تصبح ضد الجيش, وفي هذه الحالة الملتبسة لن يكون هناك كاسب, بل ستكون نقطة التوازن متمركزة في دمار البلاد, فالولايات المتحدة الأمريكية لا تريد سوى تقسيم مصر, مثلما حدث في العراق وما يحدث في سوريا, والإخوان المسلمون علامة استفهام كبيرة في هذا الموضوع, لأنهم الأداة التي تنفذ أجندة ومخططات أمريكا بوفاء منقطع النظير, والطُّعم المُلقَى لهم هو دولة الخلافة التي يحلمون بها منذ عقود, وإلا فما معنى ما حدث في عهدهم من إثارة للفتنة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين, وحالة الاقتتال التي وقعت بين المسلمين أنفسهم وراح ضحيتها أربعة من الشيعة، في سابقة هي الأولى من نوعها.
إن الأمل معقود على تحرك الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي لا بد أن يأخذ زمام المبادرة, فوقت المفاوضات المتهاوية قد انتهى, وحان وقت اتخاذ القرار بحسم وقوة, وعلى الجيش أن يعلن أن هؤلاء هم أعداء للوطن على الملأ دون مواربة, لأن الغرب عندما وجد أن الجيش لم يحسم أمره حتى الآن, عاد ليغازل الإخوان من جديد, وأصبح يتحدث بلغتين, والتردد أكثر من ذلك سيقلب الموازين وستنتهز أمريكا الفرصة لتنفيذ مخططاتها بتمكين الإخوان وتقسيم الدولة وتفتيتها، وذلك بإنهاك وتآكل إرادة الدولة من الداخل ببطء وثبات بقوة المال وصناعة عدو مُفتَعَل, وحينها يقولون للسيسي بملء الفم ارحل, كما حدث مع مبارك من قبل, ليس لأنها كانت إرادة الشعب الذي خرج في 25 يناير, ولكن لأن مبارك لم يعد ينفعهم أو يخدم مصالحهم, فكان كارتًا محروقًا بالنسبة لهم، خاصة أنه رفض وبحسم إنشاء قاعدة أمريكية على أراضيه، الأمر الذي لم تغفره له الولايات المتحدة, لكن الوضع هنا مختلف، فالإخوان المسلمون مستعدون أن يتحالفوا مع الشيطان في سبيل الحفاظ والسيطرة على الحكم, وقد أثبتوا لأمريكا الولاء أكثر من مرة, فهم الذين تعهدوا بعدم المساس بمعاهدة كامب ديفيد وقد حدث, وكان مرسي الراعي الأمين لأمن إسرائيل والهدوء على حدودها, كما أصبحت عصابات الإرهاب طوع بنانه يحركها في الاتجاه الذي يريده, وكانت آخر اهتماماته توجيه سهامها نحو المصالح الأمريكية أو الإسرائيلية.