فى لمحة خاطفة وفى نفس التوقيت الحلقة رقم 28 من مسلسلى «العراف» و«فرعون»، شاهدنا خطاب التخلى كما يقول مبارك أو الخلع كما يقول الثوار، كان اللواء عمر سليمان يؤكد إعلان مبارك تخليه عن رئاسة الجمهورية وتفويض المجلس العسكرى بإدارة شؤون البلاد، ولم ينسَ عادل أن يعلق بسخرية ضمن الأحداث على الراجل اللى واقف وراء عمر سليمان.
لا أتصور أن ما تبقى سوف يمنح المسلسلين قدرة على التحليل لمفردات الثورة، ولكنه مجرد إطار زمنى لن يسمح بأكثر من أن يدلى كل منهما برأيه، مع ملاحظة أن كل من عادل إمام وخالد صالح يتحملان المسؤولية الفكرية والسياسية عن المسلسلين، «فرعون» كما يؤديه خالد صالح هو رجل فاسد ومحسوب على نظام مبارك، بينما عادل رغم فساده فهو ليس ابنًا لفساد مبارك بل إنه فى خصومة مع كبار الفاسدين فى عهده ويأخذ من أموالهم ليمنحها للفقراء من أصدقائه والمحتاجين من أبنائه وهم جميعًا كما قدمهم المسلسل يحصلون بطيب خاطر على هذه الأموال رغم علمهم أنها فاسدة.
ليست هذه قضيتنا، ولكن اسأل عن موقف الفنان من الثورة فى الواقع وموقفه فى الدراما، مثلًا إلهام شاهين واضحة وأنتجت «نظرية الجوافة» من أجل فضح حكم الإخوان، كما أنها أنتجت لسماح أنور برنامجًا تليفزيونيًّا فى مجمله ضد ثورة 25 يناير، فهى متسقة فى آرائها وفى ما تقدمه أو تنتجه من أعمال فنية، عادل إمام كان موقفه شائكًا بعد ثورة 25 يناير، صحيح أنه أعلن تأييده للثورة متأخرًا بعد إنكارها فى البداية، وأتذكر جيدًا أنه اتصل بـ«الجزيرة» لإعلان رأيه المؤيد للثورة فى أول تصريح له رغم أنه طوال زمن مبارك كان رافضًا لـ«الجزيرة» على اعتبار أنها فى عداء مع سلطة مبارك، ورأيناه فى المسلسل يمشى فى المظاهرات التى تطلب إسقاط مبارك، كان عادل فى الواقع عندما سألوه وقتها إذا كان مؤيدًا للثورة فلماذا لم يشارك فى المظاهرات، قد أجاب أن صحته على قده ويخشى لو وجد فى مظاهرة أن تناله طوبة أو عصا على رأسه إلا أن تأييده للثورة موثّق. فى أحداث «العراف» أشار إلى أنه كان سيقنع مبارك مقابل واحد ليمون بالنعناع أن يستقيل وينهى الأزمة.. ولم ينسَ بالطبع أن يأتى بشخصية أطلق عليها حسين عبد القوى، على وزن حسين عبد الغنى مدير مكتب الجزيرة فى القاهرة، صاحب الإيفيه الشهير الذى أعلنه جمال مبارك «رد عليهم انت يا حسين»، والواقع أنه حسين عبد الغنى كان طوال الثورة هو المذيع الأول للمنصة فى التحرير، قبلها ربما بنحو عام قد استقال من «الجزيرة».
ما الذى سنراه مجددًا على الشاشة فى علاقة عادل بالثورة، ويجب ملاحظة أن الشخصية قد سقطت عنها قيود الدراما، فهو عادل إمام هذه المرة وتلك هى قناعاته وهو ما سوف تسفر عنه مساء اليوم فى الحلقة رقم 30 التى يتقدم عادل ضمن أحداثها للترشح للرئاسة فى إسقاط واضح على مرسى.
العديد من المسلسلات تصل فى أحداثها لثورة 25 يناير، مثل «موجة حارة»، وأيضًا «ذات» الذى ينتهى مع ثورة يناير عندما أصبحت ذات تقترب من الستين من عمرها، فهى شاهد إثبات على الحياة المصرية منذ ميلادها فى 23 يوليو 52.. مسلسل «الداعية» يستمر فى الرصد، وأعتقد أنه لن يكتفى فقط بنداء يسقط حكم المرشد ولكنه سيصل بالأحداث إلى انتهاء زمن الإخوان، لأن صناعه مثل الكاتب مدحت العدل وبطلة المسلسل بسمة كانا من رموز 25 يناير، بينما خالد الصاوى أحد أهم المعارضين لنظام مبارك فى «على كف عفريت» يقترب من الثورة، ولكن أحداثه والتى صورت فى العام الماضى ليست لها علاقة بحكم الإخوان.
تستطيع أن ترى من الآن شيئًا ما يلوح فى الأفق سيلقى بظلاله على الدراما القادمة وهو أن تصبح مصر بين ثورتين، وأن 30 يونيو التى كان هدفها النبيل إسقاط الإخوان سوف يحيلها البعض دراميًّا إلى ثورة أسقطت 25 يناير وأصبحت هى الثورة الحقيقية.
ساحة الدراما ستلعب دورًا قادمًا ومحوريًّا، والنجوم الذين أيّدوا ثورة 25 يناير مسايرة وقتها للموضة سنرى وجههم الحقيقى الرافض لها فى دراما رمضان 2014.