أول أيام العيد!! نعم العيد، أعرف أن الملايين من المصريين وأنا واحدة منهم كانوا يتمنون أن يأتى العيد وقد تمت الاستجابة لتفويض عشرات الملايين من المصريين لجيشهم الوطنى فى استعادة الأمان والتأمين، وإيقاف جميع أشكال الإرهاب والترويع والخروج على القانون بالقانون، وبالأساليب التى تفعلها الأنظمة القوية فى التعامل مع كل تهديد يتعرض له أمنها القومى.
ماذا كان يفعل المصريون أكثر من التفويض بقوة، أكثر من 30 مليون مصرى ملؤوا مدن وميادين مصر من أقصى شمالها إلى أقصى جنوبها فى 6/30 و7/26.
هل إرادة هذه الملايين لا تستحق احتراما واستجابة وإنفاذا فوريا؟! ما الدور الذى تلعبه هذه الشخوص الأجنبية التى تتقافز فى مصر وماذا وراء فتح السجون وزيارات منتصف الليل؟!
كيف يتحول الأمر إلى ما كاد يبدو كأنه تفاوض بين قوتين متساويتين لا بين ملايين من المصريين وجماعة توالت الأدلة والشهادات أن انتماءهم الأوثق لتنظيم دولى يدير الحرب الآن على المصريين وثورتهم ويدفع المليارات لتشويهها، بينما لم يقدم مليارا واحدا منها لتخفيف أزمة مصر الاقتصادية وسياسات استجداء الديون والقروض وتوسل الدعم.
هل يخطئ المصريون وهم يصرخون ويرفضون استمرار وتمادى المشهد العبثى للاستقواء عليهم وعلى أمنهم والتفريط فى السيادة القومية بالسماح بتدخل قوى أجنبية؟ ولماذا بعد أن يصنعوا ثورتهم العبقرية ويقدموا دماء وأرواح أغلى أبنائهم ثمنًا لها يتم إقصاؤهم بعيدا عن ما يحدث وعن إدارة الأمور فى بلادهم؟ أليس من حق هذه الملايين وبحق ما قدمت وضحت وشاركت، أن تعرف وتفهم وتوافق أو ترفض، وأن تعرف قوى العالم المختلفة وشركاء وأصحاب المصالح مع الجماعة التى أسقطها المصريون مع النظامين اللذين أسقطوهما فى ما لا يتجاوز ثلاثة أعوام، أنه بعد الثورة لا قرار يتخذ بعيدًا عن إرادة الشعب وموافقته؟ واهم ويخدع نفسه سواء داخل مصر أو خارجها من يتخيل أنه يستطيع أن يقهر هذه الطاقة المدهشة التى لا أظن أنه استطاعها أو فعلها شعب آخر، والتى وُصفت أنها الأعظم فى تاريخ الثورات البشرية.. وأنها منتج وعطاء وخزين حضارة وثقافة إيمانية ومقاومة واحتراف وإبداع وبناء لأكثر من سبعة آلاف عام، وتبدو سذاجة مفرطة وفشلا ذريعا فى قراءة المشهد السياسى والوطنى أن تتصور الجماعة -أى جماعة- إمكانية كسر إرادة المصريين وفرض استسلامهم لأى شكل من أشكال الاستقواء والترويع لهذه الملايين الرافضة والغاضبة، التى أعلنت رفضها وغضبها بتفويض أكثر من ثلاثين مليون مصرى.. وكلما تمادت الاعتصامات فى التحدى والترويع والتهديد بمزيد من الدم وبعمليات نوعية كما الشعارات المرفوعة -للأسف منذ أسابيع- تزايد الغضب الشعبى، وبدا القبول بالجماعة جزءا من الكل المصرى، كما كانت الدعوة تقترب من المستحيل!!
الجراحات الكبرى التى أجراها المصريون لاستئصال نظامين من الطبيعى أن يعقبهما نزف ودماء وآلام حتى يتخلص الجسد تمامًا من كل ما كان يتهدده، فما بالنا بوطن بحجم وقيمة وأهمية مصر، ومن كان يصدق أن ما خططت له الجماعة فى نحو ثمانين عامًا يسقطه المصريون بعد عام واحد. وأنه فى هذا العام اليتيم تحدث كشوف كانت تحتاج إلى سنوات طويلة ليتعرف ملايين من المصريين هذا التعرف الموجع والخارج عن الطبائع والأعراف والقيم الوطنية والإيمانية التى لها حصن حصين فى عقول وقلوب المصريين، وتضلل وتخادع عقولا ونفوسا طيبة بفرد غطاء الدين على المآرب السياسية.
فى خلاصة المشهد ينتظر المصريون استحقاقات ثورتهم وخروجهم التاريخى والعبقرى، وأول الاستحقاقات العدالة الانتقالية التى تضع الأسس الصحيحة والقواعد القانونية لأى مصالحة وطنية من الممكن أن تقوم ويقبل بها المصريون -ينتظرون الوفاء باستحقاقات وأوله دم الشهيد فى سيناء- التى أعلنت الجماعة استعدادها لإيقافه فور الخضوع لمطالبها، هل يوجد اعتراف أفدح بخيانة الوطن ينتظر المصريون القصاص العادل لكل ما ارتكب بحق الأمن القومى لمصر، والكشف عما أشير إليه من قضايا تخابر وانتهاك وتفريط فى حقوق سيادة وطن وأراض وحدود، وأول استحقاقات الثورة احترام إرادة الشعب كشريك أصيل فى صناعة القرار، وتتقدم مطالب الشعب صاحب السيادة الآن وبعد تصريحات هذا «المكين» التى لا أرى فيها أى غرابة، والمدهش أن لا تكون متوقعة، فالمصريون بثورتهم لم يسقطوا فقط جماعة ولكن أسقطوا مخططا أمريكيا صهيونيا متكاملا ومعلنا لتقسيم المنطقة، وكانت مصر وتقسيمها قلب المخطط ونقطة ارتكازه، أو كما قالوا جائزته الكبرى.. ويجب التوقف على الفور عن استقبال أى زوار أو آراء أو فتاوى فى إدارة الشأن الداخلى إلا لخريطة الطريق التى ترسم طريقهم الجديد، الذى اختاروه للمستقبل ودعوا جيشهم الوطنى لتحمل مسؤولياته الدستورية والقانونية فى حماية إرادة الشعب، ولم يعد هناك وقت لمزيد من التدليل للإرهاب والترويع والتمكين، وأن يخضع الجميع للقانون.. ويحترم إرادة عشرات الملايين أو يتحمل التوابع الواجبة لحساب الخارجين عليهم.