- لا شك أن صدمتنا فى «أوباما» لا توصف بعد أن كشف عن عدائه لمصر، مع أننا ساندناه وكنا أول الشعوب التى وقفت جانبه فى ترشيحه لرئاسة أمريكا، قمنا بدعمه فى معركته الانتخابية، ما من عربى يعيش فى أمريكا إلا وكان سفيرا له بين الأمريكان على اعتبار أنه أول أمريكى من أصل أفريقى يخوض معركة الرئاسة الأمريكية.. وفى مصر احتفلت البيوت يوم أن أصبح رئيسا، واعتبرنا فوزه نصرا للعرب ولأفريقيا.. كنا نضع آمالنا وطموحاتنا عليه لعله ينصر القضية الفلسطينية..
- كان علينا أن نفهم أن «أوباما» لم يعد الابن الأفريقى بعد تطعيمه بمصل الصهيونية، كلامه عن الإسلام كان يعطينا انطباعا بأنه مسلم بالقلب فتبهرنا أفعاله وهو يستشهد بالقرآن وبمحمد عليه الصلاة والسلام فاطمأنت القلوب له لاحترامه الأديان.. لم نكن نعرف بنواياه وحقده على الشرق الأوسط وأنه يتبنى مخططا صهيونيا لتفتيت الجيوش العربية فى المنطقة.. وكان مبارك الشغل الشاغل له فبدأ يلاعبه ويزغلل عيونه بتصعيد ابنه «جمال» للرئاسة مقابل أن يضع يده على سيناء ويقيم عليها دولة فلسطين حتى يتحقق الحلم الإسرائيلى.. ولأن «مبارك» رغم مساوئ إدارته لحكم البلاد فى السنوات الأخيرة وحالة الاحتقان التى لدى المصريين من العصابة التى كانت تتزعم الحزب الحاكم فى عهده.. كان مبارك خصما «لأوباما» وندا له.. رفض أن يحقق مطلبه ويفرط فى شبر من سيناء، مبارك يرى أن الوطنية ليست فى الكرسى.. ولكن فى رئيس ائتمنه شعبه فلا يمكن أن يفرط لا فى هويته ولا هوية بلده..
- من هنا قرر «أوباما» التخلص من مبارك على اعتبار أنه رأس الحربة التى ستعوق تنفيذ مخطط تقسيم الشرق الأوسط.. فأطلق ما يسمى «ثورات الربيع العربى».. بدأها بتونس فأسقط رئيسها وأفسح له طريق الهروب إلى السعودية.. ثم أشعل الثورة الشعبية فى بنغازى ليهدد استقرار كرسى الحكم فى طرابلس.. بإطلاق طائرات «الناتو» عليه وتدمير مفاصله، ويسقط القذافى بين يدى الثوار فيسحلونه بعد قتله لكى يكون عبرة لكل من تسول له نفسه تحدى الأمريكان.. وكان على مبارك أن يستسلم أمام ثورة شعبية خرجت فى 25 يناير بعد أن ضاق الحال بالمصريين من تدنى المعيشة وانتشار الفساد.. ولم يأخذ مبارك «غلوة» بعد أن تخلى عنه جيشه وانحاز إلى الشعب.. وللحق كان شهما عندما رفض أن يدخل فى ثورة مضادة مع شعبه حقنا للدماء، ولأنه رجل عسكرى رفض فكرة الهروب من مصر وقرر أن يبقى على أرضه ليواجه مصيره ويختم حياته وهو يلقى وجه ربه كمواطن مصرى يتمنى أن يوارى جسده تحت تراب مصر..
- لم يكتف «أوباما» بإسقاط مبارك ولم يخجل وهو يطالبه بالرحيل الفورى.. مع أن الشعب المصرى هو صاحب هذا الحق.. ولم يعترض على محاكمته يوم أن دخل قفص الاتهام كأول رئيس عربى يحاكمه شعبه.. وكان «مبارك» كسجين يحمد الله أنه أرضى ضميره وأن التهم المنسوبة إليه لا تدينه كمقاتل عسكرى أو كوطنى.. كانت سعادته أنه لم يكن خائنا يوما أو عميلا لدولة أجنبية من أجل الاحتفاظ «بالكرسى».. ورغم أنه كان يحذرنا من حكم الإخوان، وقد تجاهلنا تحذيراته على اعتبار أن هذه الجماعة تعرضت للقهر والظلم فى عهده.. لذلك عاهدنا الله أن نساعدهم للوصول إلى حكم البلاد، كان من رأينا انه من ذاق القهر والظلم سيرفق على المصريين، واستبشرنا خيرا بوصول الإخوان إلى سدة الحكم، ونحن لا نعلم بأن الذى أوصلهم هم الأمريكان، وأن «اوباما» كان على علاقة بهم من قبل سقوط «مبارك» وأنه قد وعدهم بكرسى الحكم..
- لذلك أقول عجبى على «أوباما» وهو يبارك سياسة «مرسى» فى توطين الإرهاب فى سيناء، عندما أصدر عفوا عن المسجونين فى قضايا الإرهاب والسماح بدخول المبعدين من مصر القادمين من أفغانستان.. كل رموز الإرهاب التى زحفت إلى سيناء لإقامة دولة لهم تحت مظلة الإخوان..
- ماذا فعلنا بك يا أوباما حتى تعطينا هذا «الخازوق»، هل يستحق الشعب المصرى هذه الصدمة من الأمريكان، ولماذا اختارنا لتدميرنا مع أننا شعب طيب نحمل غصن الزيتون وننشر الحب والسلام؟ كنا أول بلد ينبذ الإرهاب..
- نعم من حقك يا أوباما أن تحزن الآن على الجماعة، وتدوس على إرادة شعب يتطلع إلى الحياة يوم خرج فى ثورة جديدة ينفض عن نفسه حكم الإخوان.. إن موقفك هذا لا يحمل إلا معنى واحدا.. وهو تدمير مصر..