بعد العيد ميتفتلش الكعك (الكحك)، الستات فى اعتصام رابعة العدوية يفتلن الكعك من ليلة الوقفة، حسنا.. كل عيد وأنتم طيبون، كل واشكر.. وغنى مع أيتام ملجأ «وجدى العربى» أغنية «الشكر»، تؤديها على منصة رابعة جوقة «مشروع شهيد» ومطلعها «يا مشبعنا يا مغذينا يا مكبرنا يا مقوينا، البركة فى حجازى».
عمل خيراً، صفوت أفندى حجازى أضاف إلى تاريخ الكعك الناعم اسماً ملهماً «كعك رابعة» نسبة إلى اعتصام رابعة العدوية، حيث كانت الأخوات يخبزن الكعك ليلا فى الخلاء، وكانت روائح الخميرة والفانيليا والبيكينج بودر تعبق الأجواء، تتسرب نفاذة إلى قاطنى مدينة «التوفيق» المحاصرين فى قعور بيوتهم حذر الكعك.
فى مجلس شورى الجماعة ثار خلاف، هل يسمونه «كعك رابعة»، تخليدًا لاعتصام رابعة أول، وترفيعا لاسم الجامع الذى آمنهم من خوف، صار فى المخيلة الإخوانية أقرب لشُعَب أبى طالب، نفر من المتحمسين استخاروا فى تسميته «كعك مرسى» تخليدا لذكرى «المعزول»، على أن يوزع الكعك مع صوره فى إشارات المرور.. رحمة ونور، ولكن بمراجعة تاريخ الكعك فى مصر المحروسة ثبت أن الكعك ارتهن بأسماء أخوات لا إخوة، «كعك مرسى» سيكون فريدًا ونادرة من نوادر الكعك المصرية، استنكف الحضور كلية تسميته بـ«كعك الشرعية» لأن الكعك بالملبن، والشرعية بالصناديق.
«كعك رابعة» يقينا سينافس «كعك حافظة» فى أمهات الكتب، ومراجع الكعك، وقواميس المعمول (الكعك فى الشام)، و«حافظة» من أشهر من صنعن كعك العيد فى العصر الفاطمى، وكانت تنقش على كعكها عبارات كالعلامة التجارية مثل «تسلم ايديكى يا حافظة» أو «بالشكر تدوم النعمة»، ولم يكن يأكل منه إلا المحظوظون من ضيوف الخليفة.
على الدرب «كعك رابعة» تنقش عليه عبارات ولكن سياسية، الإخوان سيّسوا الكعك، مثلا «مرسى رئيسى»، تسييس الكعك ليس وليد اعتصام رابعة، فالكعك سياسياً له تاريخ، وفشل الناصر صلاح الدين الأيوبى أن يقضى على ظاهرة تسييس الكعك التى كانت تهدد حكمه.
كل واشكر، الكعك كان أداة السلاطين إلى قلوب الشعب المصرى، الطريق إلى قلب الشعب معدته، فى العهد الإخشيدى صنع أبوبكر محمد بن على المادرانى، وزير الدولة الإخشيدية، كعكا وحشاه بالدنانير الذهبية، وأطلقوا عليه وقتئذ اسم «افطن إليه» أى انتبه للمفاجأة التى فيه، ولكن تم تحريف الاسم إلى «انطونلة»، وتعتبر كعكة «أنطونلة» أشهر كعكة ظهرت فى هذا الوقت وكانت تقدم فى دار الفقراء.
فى العهد الفاطمى كان الخليفة يخصص كيسا من الدنانير لعمل كعك العيد، فكانت المصانع تتفرغ لصنعه من منتصف شهر رجب، وتملأ مخازن السلطان به، وكان إنتاج «دار الفُطرة» بضم الفاء، من الكعك يُرص فى هيئة جبل عظيم أمام شباك القصر الفاطمى، حيث يجلس الخليفة بعد صلاة العيد ليرى الناس يأكلون الكعك.
الكعك أداة الإخوان لتثبيت الاعتصام فى العيد، وفى العهد الإخوانى خصص الرئيس «المؤقت» صفوت حجازى شيكا مليونيا كلفة لصناعة جبل من الكعك قبالة مسجد رابعة، تفرغت لصناعته الأخوات، حيث يجلس صفوت أفندى بعد صلاة العيد ليرى الناس يأكلون الكعك ويشكرون.
حجازى أوصى الأخوات أمام الأفران الجاهزة بتشكيلة متنوعة من كعك العيد، كعك بالبيكينج بودر، بالعجمية، بالخميرة، ريحته فايحة مثل صفوت حجازى، تيمنا يسمونه «كعك حجازى»، والأخير نوع مخصوص لكبار رجال الدولة الإخوانية «دولة رابعة» يصنعونه فى قوالب خاصة مكتوب عليها «كل واشكر»، وقد احتل مكانة مهمة فى عصر الإخوان، وأصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر، وحادى بادى كعك زبادى شالوه مرسى حطوا حجازى.