هل وصلت الدولة المصرية إلى هذا الحد من الانبطاح والضعف؟
.. هل وصلنا إلى أن يكون قرار الدولة ليس فى أيدى المصريين وإنما فى أيدى دول أجنبية ترسل مبعوثيها لإجراء مفاوضات تقرير مصير!!
.. فأى مصير بعد ثورة خرجت من أجل الحرية.
.. أى مصير بعد ثورة خرجت للتخلص من الفاشية الدينية.
.. أى مصير بعد ثورة خرجت للتخلص من الاستبداد.
.. أى مصير بعد ثورة خرجت للتحرير من الفشل.
.. أى مصير بعد ثورة خرجت للتحرير من جماعة غير وطنية لا تعترف بالشعب وكل ما يهمها هو الأهل والعشيرة ويافطة الجماعة.
.. لقد حددت الناس مصيرها فى استعادة ثورة 25 يناير التى سطت عليها جماعة الإخوان ومندوبهم فى قصر الرئاسة، وذلك قبل 30 يونيو بشهور، وتحديدًا منذ الدستور المستبد فى 21 نوفمبر -والذى شارك فيه ورحب به شخصيات تطرح مبادرات «نصابه» الآن للحفاظ على الإخوان رغم قتلهم وتحريضهم على العنف والكراهية وممارسة الأعمال الإرهابية- وكان الاتفاق على 30 يونيو بمناسبة مرور عام على وجود محمد مرسى كمندوب لجماعة الإخوان فى قصر الرئاسة.. واستجاب الجيش إلى تلك الدعوات وحتى قوات الشرطة التى كانت تعمل فى خدمة نظام الإخوان ومندوبهم وتقبض على الناشطين المعارضين وتسحلهم وتقتلهم أمام الاتحادية ومكتب الإرشاد بأوامر من قيادات الإخوان، فقد اكتشفوا أن الإخوان لا يعملون من أجل الدولة، ولكن من أجل الجماعة والأهل والعشيرة.. وكانوا يضحون بمؤسسات الدولة من أجل التمكين والسيطرة.. ومع هذا كانوا فاشلين فى إدارة البلاد.. فخرج الناس عليهم فى ثورة.
.. لكن الإخوان بغبائهم لم يعترفوا بالثورة، لأنها بالطبع أزاحتهم وعزلت مندوبهم، فوصفوا ما جرى بانقلاب ودعوا القوى الخارجية للتدخل.
.. وبالطبع استجابت القوى الخارجية والتى ساعدت الإخوان فى التمكين من السلطة لإجهاض ثورة 25 يناير، لأنهم لا يريدون مصر الثورة.
.. وجاءت تلك القوى الخارجية إلى مصر لتعرض الوساطة بين المسؤولين الجديد سواء فى الرئاسة المؤقتة أو الحكومة أو الجيش مع الإخوان.
.. إنها مهزلة.
.. وكأن مصر تحولت إلى لبنان.
.. وهناك صراع طوائف.. وكل راعٍ يأتى لحماية طائفته.
.. فأمريكا حضرت بقوة فى المشهد السياسى للدفاع عن الإخوان.
.. ولعل هناك أسبابًا كثيرة لأمريكا، منها استطاعتها تطويع واستخدام جماعة الإخوان وقياداتها كعملاء لها.. ومن ثَم كان فى الإدراك الأمريكى وعن طريق مراكز أبحاثها ومخابراتها أن الإسلام السياسى وجماعة الإخوان ستسيطر على مصر لمدة لا تقل عن 40 سنة، فكان كل ترتيباتها على هذا الأساس.. وليس فقط فى مصر، ولكن فى دول الربيع العربى.. فكان الارتباك الأمريكى فى البداية وبعد ذلك دخوله على الخط لحماية العملاء الجدد والذين ما زالوا يحرّضون على العنف والقتل والكراهية وإثارة الفتنة.. لكن يبدو أن الأمريكان يريدون ذلك أن يحدث فى مصر.. وتستمر حالة عدم الاستقرار والانتقال إلى مرحلة الديمقراطية فى مجتمع مدنى حديث.
.. واستعان الأمريكان أيضًا بحلفائهم الأوروبيين والقطريين للدخول أيضًا على خط المفاوضات والضغط على الحكومة الجديدة والنظام الجديد.
.. وللأسف، تستجيب السلطة الجديدة التى خرجت من رحم الثورة لتلك الضغوط والتدخل الأجنبى فى شأن مصرى خالص.. وفى شأن شعبى ثورى.. كان من نتيجته الإطاحة بالإخوان لاستبدادهم وفشلهم وفسادهم.. وإثباتهم أنهم لم يختلفوا كثيرًا عن نظام مبارك.. فكانت الثورة.
ويأتى الآن القائمون على السلطة بإهدار الثورة مرة أخرى.. ولصالح الإخوان ومَن يساندونهم من القوى الخارجية، وعلى رأسهم الأمريكان.
.. لقد خرج الشعب مرة أخرى بالملايين فى يوم 26 يونيو لتفويض الجيش والشرطة لمحاربة الإرهاب.. وما يجرى فى اعتصام الإخوان والنهضة إرهاب.. لكن هناك مَن لا يريد تنفيذ مطالب الشعب.. واللعب مرة أخرى مع الإخوان الذين تعوّدوا على طريقة اللعب مع السلطة ويستفيدون منها إلى أقصى درجة.
.. وهم حتى الآن ناجحون فى ذلك فى ظل وجود شخصيات عديمة الخبرة.. وتعمل حسابًا لدول الغرب أكثر مما تعمل للشعب الذى أوصلها إلى هذه المكانة.
.. يا أيها الذين فى السلطة الشعب لا يريد تدخلًا أجنبيًّا، وكفاية ما فعلتموه.
ومصر أيها السادة ليست لبنان.
.. الشعب يريد ديمقراطيته ودستوره.. بعيدًا عن الإخوان.