نعم، إنها بالفعل كلمة ثقيلة على الأذن، ومفزعة لكل من يسمعها، ويصعب عليه تحملها. فهل يعلم هذا الطفل (الذي لم يتعد العشر سنوات) معنى كلمة شهيد أو ما القضية التي يريد الاستشهاد من أجلها؟
لا أعتقد أن هؤلاء الأطفال مدركون لها، أو للأكفان التي يرتدونها أو معنى اللافتات، التي يحملونها «اصرخ يا شهيد ــ حور الجنة بتناديك»، ولا أعتقد أنهم على الاستعداد أن يضحوا بحياتهم من أجل رجوع محمد مرسي إلى كرسي الرئاسة، لكنها لعبة حقيرة يتم استغلال الأطفال فيها، والمتاجرة بهم يظنون أن العالم سيتعاطف معهم غير مدركين الاتفاقيات الدولية، التي تجرم استغلال الأطفال، وتنص نصوصا صريحة على حق الطفل في حياة آدمية وهادئة.
فمن بين هذه الاتفاقيات اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 التي انضمت مصر إليها فى 1990، وفيها تنص المادة 19 على أن «تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من كل أشكال العنف أو الضرر، أو الإساءة البدنية، أو العقلية، والإهمال أو المعاملة المنطوية على إهمال، وإساءة المعاملة أو الاستغلال». وفي اتفاقية العهد الدولي الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية تنص المادة 10 على «وجوب اتخاذ تدابير حماية ومساعدة خاصة لصالح جميع الأطفال والمراهقين... كما يجب جعل القانون يعاقب على استخدامهم في أي عمل من شأنه إفساد أخلاقهم أو الإضرار بصحتهم أو تهديد حياتهم بالخطر...».
أما الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهيته، الذي صدقت عليه مصر عام 2001، فتنص المادة 11 على ضرورة «تهيئة الطفل لكي يعيش حياة مسؤولة في مجتمع حر بروح من التفاهم والتسامح والحوار...»، وتستكملها المادة 15 على أن «يتمتع الطفل بالحماية من أي شكل من أشكال الاستغلال الاقتصادي، ومن ممارسة أي عمل قد ينطوي على مخاطر، أو من شأنه أن يعطل تربية الطفل، أو أن يكون على حساب صحته، أو نموه البدني والذهني والروحي والأخلاقي والاجتماعي.
فجميع الاتفاقيات ترى أن ما يحدث من استغلال للأطفال جريمة مكتملة سواء كان الأطفال أيتاما أو أبناء لبعض المتظاهرين، وإذا لم تكن هناك اتفاقيات دولية، فالزج بالأطفال في مثل هذه الأحداث له عواقب نفسية واجتماعية وخيمة. فوجود الأطفال في الأماكن التي يوجد بها الصراخ والعويل وصوت الرصاص والتحريض على العنف والقتال يعرف بالعنف أو الاغتيال المعنوي، ويؤثر على صحتهم النفسية سلبا، ويزرع فيهم السلوك العنيف والكراهية تجاه بعض فئات المجتمع بدلا من تعليمهم قيم التفاهم والتعاون والمشاركة والحب، وبالتالي تصبح الأجيال القادمة عنيفة كارهة للمجتمع (لما تم زرعه من مفاهيم خاطئة)، مما يهدد أمن المجتمع وسلامته، فالإسلام ليس متعلقا بوجود شخص الرئيس السابق، محمد مرسي، كما أن الديمقراطية لا تتمثل في الصناديق وأصوات الناخبين فقط.
كما يتنافى هذا السلوك مع الشريعة الإسلامية، فالرسول الكريم أمرنا بأن ندخل البهجة والفرحة على الأطفال، وأمرنا بأن يعيشوا فترة لهوهم، ولم ينصحنا باستغلالهم في الشوارع، واتخاذهم دروعا بشرية تعرضهم للمخاطر، وتربيتهم على الخوف والرعب.
حان الوقت لوجود قوانين رادعة لكل من تسول له نفسه استغلال الأطفال، أو تعرضهم للمخاطر، فالأطفال بسبب عدم نضجهم البدني والعقلي يحتاجون إلى حماية قانونية مناسبة. فالأطفال الصغار هم رواد المستقبل الذي يجب توفير بيئة صحية وبيئة تعليمية جيدة ليكون الجهاد فى العلم وبناء الوطن.