ما القيمة الحقيقية على المستوى الوطنى لأشخاص من نوعية مرسى وبديع والبلتاجى والعريان، وغيرهم من قيادات الإخوان خارج أسوار جماعتهم؟ لا شىء. الدليل على هذا أنهم كانوا على قمة السلطة التنفيذية والتشريعية لمدة عامين على مقاعد البرلمان، ولمدة عام كامل قضاه مندوبهم على مقعد الرئاسة كشخشيخة فى يد المرشد الذى كان يتحكم هو ومكتب إرشاده وجماعته وحزبه فى تسيير كل أمور الدولة. رغم هذا فلم ينجح أيهم فى أن ينجز أى شىء يذكر لصالح الشعب، أو فى أن يصدر ولو قرارا واحدا يؤدى إلى عمل له قيمة لصالح الوطن. كل قراراتهم كانت تصب مزيدا من المال والماء فى بئر مصالحهم ومصالح حلفائهم القطريين والإرهابيين! هل هناك أسوأ من هذا الأداء الخائب الخائن المزرى؟ لا أظن. وهل هناك أردأ من حاكم يهدر المال العام ليلقى فى حجور الفقراء الجياع بكتاب كاذب عن إنجازاته الوهمية، بدلا من أن يضع رغيفا ساخنا فى أياديهم؟ فعلها مرسى وإخوانه وصدعوا رؤوسنا بأن من أهم إنجازاته أنه أول رئيس ملتح، ولم يكن ينقص إلا أن يكتبوا أنه أول رئيس يتجول فى قصر الرئاسة بجلابية نوم وشبشب مقاس خمسة وأربعين! قبل أن يحكم الإخوان لم أكن أصدق تماما أنهم فصيل انتهازى لا همّ له سوى تمديد شبكة مصالحه المالية الأسطورية، وتنميتها حتى ولو تم ذلك على جثة الوطن. لهذا أقولها صراحة: قد يكون من واجب البرادعى كنائب لرئيس الجمهورية أن يؤكد على ضرورة التمسك بتجنب إراقة دماء المواطنين الأبرياء من البسطاء المخدوعين خلال فض الاعتصامات، حتى ولو كانت مسلحة وغير سلمية، وحتى ولو كان هؤلاء المواطنون البسطاء يضعون أنفسهم طواعية فى بؤرة الخطر، ولا يرغبون بإرادتهم فى العودة إلى منازلهم، ظنا منهم أنهم يدافعون ببقائهم عن الإسلام. أقول من حق البرادعى أن يتمسك بهذا كرجل ذى ضمير حر حائز على جائزة نوبل للسلام، ولكن ليس من حقه مطلقا، ولا من واجبه، أن يطالب بإسقاط الاتهامات الجنائية عن مرسى. لأن معنى هذا التصريح فى العرف السياسى أنه يهدر القانون خضوعا لابتزاز المعتصمين، وأن اقتراحه هذا هو العربون الذى يقدمه إلى الإخوان لفض اعتصاماتهم، تمهيدا لعودة حزبهم المسلح الدينى، غير القانونى، هو وقياداته إلى ممارسة العمل السياسى، بدعوى عدم استبعادهم من الحياة الديمقراطية، رغم أن حزبهم يعترف بأنه ذراع سياسية لجماعة أهلية دعوية يحظر عليها القانون أن تعمل بالسياسة! عودة هؤلاء الفاشلين، غير المؤمنين بالديمقراطية، إلى الحياة السياسية، بعد أن أضافوا خيانة الوطن، والجرائم الجنائية، والممارسات غير القانونية إلى فشلهم الذريع فى إدارة شؤون الحكم، هى خطيئة ترتكب فى حق الشعب، ولا يصح أن تصدر ولو تلميحا من رجل بقيمة وقامة البرادعى. مرسى يشبه طالبا خائبا لم تصدر عنه ولو إجابة واحدة صحيحة لأى سؤال فى الامتحان. رغم ذلك يعتصم أهله بالبنادق والشوم والسيوف أمام كنترول الثانوية العامة مهددين بحرقه على دماغ المصححين إن لم تصدر النتيجة متضمنة نجاح ابنهم الفاشل! ماشى يا دكتور برادعى.. نفهم أن يصدر هذا عن أهله وإخوانه المجرمين لأنهم لا يبغون شيئا أكثر من مصلحته ومصلحتهم، ولكن أن يرضخ لهم مدير الكنترول فهذا هو التفريط فى حق لا يملك، هو أو غيره، مجرد التلويح بإمكانية التفريط فيه. كل دعاوى التمسك بالحفاظ على الأرواح وكل الكلام البراق عن عدم الإقصاء لا قيمة له إلا فى معرض الحديث عن كل من لم يرتكب جرما، وعن كل مَن يؤمنون بالسلمية والديمقراطية. كل ما عدا هذا قد يمنحك يا مولانا درجة الامتياز فى الإنسانية بينك وبين نفسك، ولكنه يمنحك صفرًا فى السياسة لأنك تتخلى بهذا عن حقنا وحق الوطن. عد إلى رشدك ولا تعيدنا إلى المربع رقم واحد، فنحن نريد وطنا ديمقراطيا يحكمه دستور غير طائفى. عودة هؤلاء إلى ممارسة السياسة بعد كل ما ارتكبوه من جرائم، هم وحلفاؤهم، ستؤدى بنا إلى الدوران فى حلقات مفرغة تعيد نفس المسار الشائك الشائن من جديد. سأعيد لك الكلام بطريقة أخرى: تأكيدك للغرب على استحقاقك الحصول على درجة الامتياز فى الإنسانية يمنحك صفرا فى السياسة لأنك تتخلى بهذا عن مكاسب شعبية لا تملك أن تبقشش بها، ولا يريد المواطن الذى يحلم برغيف الخبز والمسكن والعلاج أن يفقدها. عودة هؤلاء الفاشيين الفاشلين إلى الحياة السياسية يدمر فرصة الوطن فى مستقبل أفضل، ويهدر حقوق الشهداء وإرادة من خرجوا نزولا على دعوة «تمرد» فى الثلاثين من يونيو، ويمنحك زيرو فى السياسة. فيا فرحتك بامتياز وهمى فى الإنسانية النظرية يدمر الإنسانية الحقيقية على أرض الواقع!
البرادعى امتياز إنسانية وزيرو سياسة
مقالات -
نشر:
6/8/2013 1:44 ص
–
تحديث
6/8/2013 10:21 ص