غضوا النظر. سأعبده بطريقتى. ابتعدوا واتركونى دون وسائط ووسائل. انسوا فتوحاتكم الفكرية العقيمة، انسوا تبجحكم على جسدى، لا تتدخلوا فتنغصوا لحظات روحانيتى بسطحيتكم المعتادة.
مزقوا كل ساتر. وتوقفوا عن بيع الشراشف. فأنا أعلن أنى لن أستأذن قبل صلاتى. ولن أستجدى رضاكم على هندامى.
كل الأمور غير عقلانية. من نهش رؤوسنا وأوقفها عن السؤال. وبعد عدوان الإسلام السياسى هل نعود لعهد السؤال أم نبقى فى ذعرنا خائفين؟
ماذا لو لم أتحجب أثناء الصلاة؟ بلا شرشف صلاة. ماذا لو لم أتوار خلف قماش وأنا أسجد لله؟
هذا السؤال طرحته فى تويتر. لا يهمنى التكفيريين الذين عارضوه متهمينه بالبجاحة. لفت نظرى سعة صدور الكثيرين لخدش مسلمات يومية تعودنا عليها، حتى صارت بديهيات حرام المساس بها والسؤال عنها.
فى البداية ردت الأكثرية: سؤالك صدمنا. ثم بدأ التفكير. ساعات وأيام أستقبل ردودا مختلفة وأجوبة غير مقنعة تحاول إثبات وجوب تغطية الشعر أثناء الصلاة. وردودا أخرى من نساء لا يتحجبن وقت الصلاة غير مقتنعات بفكرة الحجاب أصلاً.
خدش المسلمات. تتصورون المدى الحضارى الذى يمكن أن نصل إليه حين نخدش المسلمات اليومية. قالوا: هذه أمور سطحية التفكير بها عقيم.
برأيى الأمور التى يبدو التفكير بها (سطحية) هى تحديدا التى أوصلتنا لهذا الحد من ضروب الجنون الفكرى والطائفى وكل جنون التخلف.
أتحجب ليه فى الصلاة؟ ضمن الردود علقت سيدة سمت نفسها (مفتية الديار) بإجابة لا يعرفها الجميع:
«بحثت واكتشفت أن اليهود كانوا يقصون المرأة الحائض كى لا تتعبد لله. ويغطون وجهها عند دخولها المعبد لأن أنفاسها تؤذى النار. كلها أمور تسربت لنا من اليهود والفرس ولا أساس لها فى القرآن. أما الحجاب فكان للتفريق بين الحرة والأمة. لأن قريش كانوا يتحرشون بالنساء عند ذهابهن للخلاء، فوجب التفريق بين الحرة والأمة التى كانت تباع أحيانا شبه عارية وقتها».
رد متابع عليها: يعنى التحرش بالأمة كان عاديا وبالحرة حراما!!
لو راجعنا الشوارع العربية فى الستينيات فلن نجد محجبة واحدة. فهل كن كافرات. ومصيرهن جهنم. وسيعلقن من شعورهن يوم القيامة ويعذبن عذابا شديدا؟
أتحجب ليه وقت الصلاة؟ لم أجد آية قرآنية صريحة تجبرنى على الحجاب فى الصلاة وغير الصلاة.
أتحجب ليه وقت الصلاة؟ إذا كان الحجاب درءا للفتنة كما يقولون، فمن سأفتن حين أصلى وحيدة؟
الأسئلة البديهية ليست محرمة. كل شىء بالكون بدأ بسؤال. وهذه الفترة تمثل فرصة تاريخية لطرح كل الأسئلة والبحث عن إجابات.
طبعا قد لا يستوعب بعض الرجال أسئلتى لعدم شعورهم بها، فلديهم إعفاء مجتمعى بحكم الذكورة من كل الخناق الذى يغلفنى. لكن ظلم أن تبقى الأسئلة النسوية حبيسة الصدور بعد الثورات. هل كانت الثورة لنجدة الرجال فقط؟ ومتى تثور المرأة وتعلن التمرد والعصيان على كل الخزعبلات وحتى أبسط الممارسات اليومية التى قيدها بها المجتمع لأجل غاية واحدة. إقعادها عن المشاركة.
تفكيك المسلمات العرفية وما نعتبره بديهيات، وتحرير المرأة والالتزام لها بمستويات راقية من العدالة والمساواة هى أسباب رئيسية فى انتهاء أى طغيان سياسى وفساد فكرى. المرأة المظلومة التى لم تذق طعم السعادة وفاقدة العدالة. كيف ستنشئ حاكماً عادلاً.
أتحجب ليه؟ وأستر جسدى لما أمام صانعه وخالقه؟
هذه الأسئلة تخجلنى، تذكرنى بأنى بعد كل مقال أو نقاش حر، أنى حين أعود للديار سأخرج العباءة السوداء الخانقة. سأتلفح بها. هى تذكرة نزولى من الطائرة لأرض الوطن.