كيف هان على عادل إمام بعد أن نصَّبوه زعيما عليهم أن لا يسدد لنقابة الممثلين ما عليه كرسم نسبى عن أجره فى وقت يعانى فيه صندوقها الجفافَ المادى؟ دفع عادل فقط 30% من حق النقابة واحتفظ بالباقى! كيف داعب النوم جفون نقيب الموسيقين مصطفى كامل عندما سرق لحنًا قديمًا ونسبه إلى نفسه بكل جرأة وبلا لحظة تردُّد واحدة؟
ما الذى من الممكن أن يفعله موسيقىّ لو اكتشف أن هناك من يسرق ألحانه؟ سوف يلجأ على الفور إلى نقابة الموسيقيين، فهى الجهة الوحيدة التى تضمن له حقوقه، ماذا لو أن ورثة الملحّن الراحل عبد العظيم محمد تقدموا بشكوى إلى نقيب الموسيقيين مصطفى كامل يتهمون فيها نقيب الموسيقيين مصطفى كامل بأنه سرق لحن أبيهم الرمضانى «تم البدر بدرى والأيام بتجرى»، وكتب على أنغامه أغنية تُقَدَّم عشرات المرات على كل الفضائيات «تسلم الأيادى، تسلم يا جيش بلادى»؟ إنها مأساة متعددة الأركان عندما نكتشف أن حاميها حراميها وأن من ينبغى أن يصون ويحمى هو الذى يسرق ويبدِّد. الغريب فى الأمر أن هذه الأغنية التى رددتها شريفة فاضل فى الستينيات من كلمات عبد الفتاح مصطفى لا تقدَّم إلا فى النصف الثانى من رمضان عندما يكتمل البدر ونشعر أن رمضان غادرَنا سريعًا، وهكذا ينطبق على مصطفى مقولة استيفان روستى الخالدة «نشّنت يا فالح؟»، فلقد سرق اللحن فى اللحظة الزمنية التى لا يتردَّد إلا فيها، مصطفى كامل هو كاتب ومطرب النشيد مع المجموعة، وأعلم أنه لا يجيد العزف على آلة موسيقية ويلحّن سماعيًّا بالنقر بأصابعه على المائدة، ولم تكتفِ أصابعه هذه المرة بالنقر بل امتدت للسطو، وكتب كلمات تُشِيد بموقف الجيش المصرى وقائده. كيف تقبل الذائقة الوطنية هذا العبث؟
أما عادل إمام الذى صار لا يرتاح إلا إذا سمع اسمه مسبوقًا بلقب الزعيم، فلقد قرأتُ قبل أسبوعين حوارًا للفنان خليل مرسى على صفحات مجلة «الكواكب» أجراه الزميل محمد جمال كساب قال فيه إن عادل إمام سدد لصندوق النقابة كما يقضى القانون 2% من أجره، وأضاف خليل باعتباره مسؤولا عن تحصيل هذه الرسوم (التى تذهب إلى المرضى والعاطلين من أبناء المهنة) أن عادل قال إن عقده 10 ملايين جنيه فقط، وهذا يعنى أنه سدد 200 ألف جنيه، ولكن الحقيقة كما ذكرها خليل هى أن أجره عن المسلسل 30 مليونًا، أى أنه قد احتفظ لنفسه بـ400 ألف، وهو -كما ترى- مبلغ من الممكن أن يسعد بضع عشرات من الفنانين الذين يعانون الكثير فى تلك الأيام الضنك. بالمناسبة خليل يشارك فى مسلسل «العراف»، أى أنه يحظى بعلاقة طيبة مع عادل، ولكنه احترم موقعه كعضو مجلس إدارة منتخَب ائتمنه الناس على حقوقهم. انتظرت أن أقرأ فى العدد التالى من «الكواكب» تكذيبًا أو توضيحًا من عادل، ولكن قرأت بالفعل حوارًا أجراه فى المجلة قال فيه كل شىء، إلا أنه لم يتطرق قَطّ إلى هذا الاتهام، والحقيقة أن الرقم الذى أعلنه خليل ليس مفاجأة لأحد فى الوسط الفنى، بخاصة أن صفوت غطاس منتج مسلسله السابق «ناجى عطا الله» قال فى أكثر من حوار إنه تعاقد فى العام الماضى مع عادل بهذا الرقم. لا أتصور بالمناسبة أن عادل يريد أن يغالط النقابة فى الحساب، ولكنه يخشى إذا قدم للنقابة الرقم الحقيقى أن تتحول إلى وثيقة تستند إليها الضرائب فى محاسبته، وفى هذه الحالة تستردّ الدولة عشرات من الملايين بأثر رجعى عن كل تعاقداته السابقة، كان عادل إمام يتمتع بحماية طوال زمن مبارك، ولم يكن يجرؤ ولا حتى وزير المالية على سؤاله عن حقيقة الأوراق المقدمة للضرائب، لأن العقد السرى بين كبار النجوم والشركات لا يتم تداوُله، وما يقدَّم هو العقد الصورى المزيَّف الذى يتناقص فيه الأجر أحيانًا كما رأينا بنسبة الثلثين.
لا أدرى ما الذى من الممكن أن يعانيه بعد ذلك خليل مرسى بعد أن كشف المستور، هل يرشحه عادل مجدَّدًا فى أى عمل فنى قادم؟ المؤكد أن الدولة الرخوة التى نعيش تحت مظلتها الآن لن تتحرك، فلن يحاسب أحد نقيب الموسيقين على سرقة اللحن، ولن يجرؤ أحد على الاقتراب من مملكة الزعيم!