عجيب أمر هؤلاء «القوم» الذين ينادون بعودة الشرعية وعودة المعزول والمخلوع، بعد أن مَنَّ الله على أبناء شعب مصر الطيبين، بنجاح إرادته وانتصار ثورته، بعزل المخلوع وخلعه، وإسقاط النظام، وإعادة دولة سيادة القانون إلى أحضان أبنائها.. وشعب مصر العريق.
عجيب أمر هذه الجماعة التى لم تغير من عنوانها أو منهاجها، الذى اتخذته شريعة لها منذ نشأتها، والتى بدأت حياتها فى أول مواجهة لها على يد «النقراشى» فى 8 ديسمبر 1948.. روى لنا الرجل أن الجماعة قد تزلفت منذ سنوات واتخذت لنفسها اسم «الإخوان المسلمين»، وأعلنت على الملأ أن لها أهدافا دينية واجتماعية دون أن تحدد لها هدفا سياسيا معينا، ثم نشطت الجماعة.. وبثت دعايتها.. وما كادت تجد لها أنصارا وتشعر بأنها اكتسبت شيئا من رضاء بعض الناس، حتى كشف القائمون على أمرها عن أغراضهم الحقيقية وهى أغراض سياسية ترمى إلى وصولهم إلى الحكم وقلب النظام.
وعدد لنا وكيل الداخلية منذ عام 1948 الجرائم التى ارتكبتها الجماعة فى بر مصر.. وطرق العنف وتدريب الشباب «الجوالة» وإنشاء مراكز رياضية تقوم بتدريبات عسكرية مشفرة وراء الرياضة، فأغفلت أغراضها الدينية والاجتماعية.. وانغمست فى السياسة والسيطرة، ونشرت ما كتبه الشيخ حسن البنا بخط يده.. فكانت الجناية العسكرية رقم 883/1942 قسم الجمرك.. ثم هدفت الجماعة إلى تحقيق الإرهاب.. وإثارة الاضطراب.. فكانت الجناية رقم 679/1946 قسم ثان بورسعيد ثم القيام بتجارب صناعة القنابل والمفرقعات بمدينة الإسماعيلية فى 10 ديسمبر 1946 ثم ارتكاب الجناية 767/1946 قسم عابدين.. وقسم الخليفة واعتداء على مأمور القسم ورجاله فى 29 يونيو 1947.. ثم الجناية رقم 4726/1947 الإسماعيلية بإلقاء قنبلة على فندق الملك جورج.. ثم ما حدث فى منطقة جبل العظمة فى 19 يناير 1948 واستعمال الأسلحة النارية، والمفرقعات، والقنابل وغيرها من أدوات التدمير والقتل، ثم الجناية رقم 1407/1948 ميت غمر دقهلية.. واستمر عبد الرحمن عمار، وكيل الداخلية، فى حصر الجرائم والجنايات.. وبيان شرور الجماعة وآثامها.. حتى طالت معاهد التعليم بالجناية رقم 1248/1947 بندر دمنهور.. وشبين الكوم الثانوية.. وجامعة فؤاد الأول فى 4 ديسمبر 1948 والمدرسة الخديوية فى 12 نوفمبر 1948، وأكد لنا وكيل الداخلية بتقريره أن القضاء لم يسلم من العدوان، إذ تم اغتيال علم من رجال القضاء المغفور له أحمد الخازندار بك وكيل محكمة استئناف مصر الذى حكم بإدانة بعض أعضاء الجماعة لجرائم اقترفوها باستخدام القنابل.
كل هذا وزيادة قال عنه وكيل الداخلية المصرى منذ عام 1948 وانتهى الأمر بحل الجماعة بأمر النقراشى.. رقم 63 بتاريخ 8 ديسمبر 1948، واستمرت الجماعة فى منهاجها، حيث قامت باغتيال وزير الداخلية ورئيس الوزراء الذى أصدر قرار الحل.
وظل حال الجماعة منذ نشأتها ولذات الأسباب وبأشكال أكثر شراسة وضراوة.. حتى كانت المواجهة الثانية مع مجلس قيادة الثورة.. وحادثة المنشية الشهيرة.. وانتهى بحل الجماعة فى 14 يناير 1954، بل ازداد الأمر تفاقما وخطورة بنشأة جماعات عديدة من عباءة تلك الجماعة ترسخ للفكر التكفيرى الدموى الذى بدأ منذ حسن البنا باغتيال النقراشى والخازندار وغيرهما وباغتيال السادات.. وبعدها بإشاعة الإرهاب والقتل فى حوادث أسيوط والأقصر وشرم الشيخ وطابا والقاهرة.
ولم تتعظ الجماعة من كل ما جرى.. من جرائم وأحكام.. وعقوبات.. ومع ذلك ما إن تمكن هؤلاء من السلطة والحكم بطريق التزوير وتزييف إرادة الناخبين عام 2012، وأفرط البعض فى حسن النية حتى ازداد الأمر خطرا وسطوة.. وانتقاما وتشفيا.. على مدى عام كامل استدعاء لكل التاريخ القديم.. فكانت إرادة الشعب بعزل المخلوع.. وإسقاط الرئيس والنظام فى 30 يونيو 2013 ومع ذلك لم يتعظ أحد.. ولم يتغير الحال.. بل ازداد الأمر خطرا.. فالتهديد.. والقتل.. والإرهاب.. اتخذته الجماعة شريعة ومنهاجا يصاحبه التضليل والكذب وقلب الحقائق والبكاء على الشرعية.. يهددونها أحيانا ويلوذون بها أحيانا أخرى.. حقا إنهم لكاذبون!!