قصص الرجال فى مصر تحتاج إلى تحليل ونظرة. إن ما حدث فى الفترة الأخيرة من الفريق أول السيسى لا بد معه أن نفتح ملف الرجال فى مصر، فمصر على طوال عهدها منذ قديم الأزل وإلى الآن يخرج منها فى الأوقات العصيبة رجال يؤكدون دائما أن هذا تراب مقدس، وأن هذه الحضارة العظيمة التى بناها المصريون فى سبعة آلاف سنة ليست حضارة حجارة منقوشا عليها تاريخ مصر، ولكنها حضارة رجال قدموا إلى هذا التراب الجهد والعرق لتظل مصر كما كانت وإلى الأبد منارة قوية للعالم أجمع.
إن الملايين التى خرجت فى 26 يوليو فى شوارع مصر وميادينها كانت تستجيب لصوت رجل واحد وخلال 48 ساعة كانت الملايين تجوب شوارع وميادين مصر، لتؤكد أنها ضد الإرهاب وضد الإخوان وتفوض رجلها الفريق السيسى فى محاربة هذا الإرهاب محاربة قوية. وقد لا يتصور البعض أن ما فعله السيسى من انحيازه ومعه القوات المسلحة إلى الشعب المصرى قد أحدث دويا داخليا فقط، ولكن لا بد أن يعلم الجميع أن ما حدث من السيسى قد أحدث دويا عالميا يساوى ذلك الدوى القوى الذى حدث داخل مصر، فبنظرة سريعة تعرف من خلالها ماذا فعل السيسى.
أولا: السيسى وضع مع زملائه فى القوات المسلحة إطارا للعلاقات المصرية الأمريكية مختلفا اختلافا جذريا عن شكل العلاقات قبل ذلك. فكرة الاستقلال الوطنى للقرار المصرى فكرة غابت عن الساحة السياسية فى مصر منذ فترة طويلة بالذات مع الولايات المتحدة الأمريكية. جاء السيسى ليرسى دعائم منظومة جديدة للعلاقات المصرية الأمريكية، أهم ما فيها حرية القرار المصرى واحترام الإرادة المصرية والتعاون والصداقة أيضا مع الجانب الأمريكى. وبنظرة فاحصة على موقف السيسى والجيش المصرى الأخير من انحيازه إلى الشعب ضد الإخوان مع أنه يعلم جيدا، وهو رجل المخابرات، أن الولايات المتحدة تدعم نظام الإخوان وتؤيده ضمن خطة أمريكية كبيرة لاحتواء الشرق الأوسط وتقوية دور إسرائيل فيه (الشرق الأوسط الجديد)، ومع ذلك أكد السيسى أنه ضد هذا المخطط بوقوفه وزملائه من الجيش المصرى بجانب شعبهم. تصوروا جيشا تتدرب قياداته فى أمريكا ويحصل على أسلحته من أمريكا ويملك علاقات استراتيجية عسكرية مع أمريكا، وعندما اختلفت المصالح المصرية مع المصالح الأمريكية انحاز على الفور إلى المصلحة المصرية، ليؤكد بلا أدنى شك أن الجيش المصرى هو صاحب المدرسة الوطنية الكبيرة فى الشعب المصرى. وعندما انحازت الدول الأوروبية إلى الإخوان تحت زعم أن هناك انقلابا عسكريا لم نر الرجل يضعف، بل رأيناه قويا حاسما يهمه فى المقام الأول بلده وشعبه ولا يهمه رضا الأوروبيين أو الأمريكان. وأنا أرى أن السيسى استعرض قواه السياسية الكبيرة فى الشارع فى طلب النزول إلى الشوارع فى 26 يوليو ليخرس الأصوات القادمة من الغرب والتى تسعى إلى إيقاف الحركة الوطنية المصرية،
ويعطى مثالا لشعوب العالم كلها أنهم قادرون على تغيير واقعهم المظلم إلى حياة أرحب وأوسع. كل الشعوب المستضعفة فى العالم والتى يحكمها حكام فاسدون وجهلة اليوم أخذوا العبرة من الشعب المصرى ومن الجيش المصرى، لذلك لم يكن غريبا أن تنشر بعض الصحف المؤامرة التى تحاك ضد السيسى والمقصود منها اغتياله فى اجتماعات تمت بين الأمريكان وتركيا، وتقوم على تنسيق بين الإخوان المسلمين فى مصر وسوريا والخليج لنقل التجربة السورية إلى مصر، وأقاموا غرف عمليات لهذه الخطة على أن يرسلوا أسلحة برا وبحرا إلى السواحل المصرية من ليبيا، ثم تتولى القيادة الفرنسية تدريب المجندين العرب على الأسلحة الجديدة التى ستدخل مصر على أن تكون سيناء مركز التدريب بمساعدة حماس، وتهدف الخطة على إطالة الأزمة المصرية بمحاولة اغتيال السيسى وإدخال حماس بالمعركة لفصل سيناء عن مصر وإلحاقها بغزة وإرهاق الاقتصاد المصرى. وتقدم الأمير بندر مدير المخابرات السعودية بمذكرة إلى الملك عبد الله يشرح فيها الخطة بعد أن كشفتها المخابرات السعودية، مؤكدا أن الأمريكيين وافقوا عليها ورفض الملك عبد الله دعم هذه الخطة، واصفا الإخوان بأنهم جماعات خطيرة على الأمن القومى العربى وتقيم خلايا لها فى البلاد العربية، وتم إبلاغ البنتاجون برفض الملك السعودى هذه الخطة. بل تؤكد المصادر أن الملك عبد الله أرسل مبعوثا إلى السيسى وأعطاه معلومات عن أماكن تخزين الأسلحة، ونجح وزير الدفاع السيسى فى وضع يده على الخطة، وضبط كثيرا من الأسلحة التى قد وصلت عبر ليبيا. هكذا أكدت المصادر الصحفية هذه المعلومات، وأنا لا أقدر أن أصدقها أو أرفضها، لكن أقدر أن أقول إنها ليست بعيدة عن التصديق، لأن ما فعله السيسى ليس عاديا، ومن الطبيعى أن تحيك الدول الكبيرة مع الإخوان مؤامرة ضده لوقفه عما يفعله فى مصر، ولكن الذى لا يعلمه الكثيرون من أهل الغرب أن المشكلة ليست فى السيسى، فإذا أرادوا أن يقتلوا السيسى فعليهم أن يغتالوا الشعب المصرى، لأنهم بدون التيار الإسلامى هم السيسى والقيادات العسكرية فى مصر ليست السيسى فقط، فكلهم خريجو المدرسة الوطنية المصرية، ولن يقدر أحد أن يوقف طوفان الوطنية المصرية، والذى خرج فى 30 يونيو و26 يوليو، وستنتصر مصر ببطلها السيسى وحتى بغير وجود السيسى، لقد خرج المارد ولن يرجع مرة أخرى.. فهنيئا لمصر بجيشها الوطنى وبقائده المحترم.