من المؤكد أن أجهزة الدولة تعرف المصادر التى تأتى منها الوجبات الغذائية إلى اعتصامى «رابعة والنهضة» كل يوم، وإذا لم تكن تعرف، فمن السهل جداً أن تعرف، وعندئذ، فإن فض هذا الاعتصام يبدأ من خارجه، بتجفيف هذه المنابع أولاً.
إن آلاف الوجبات التى يستهلكها المعتصمون هناك، تأتيهم من خارج الموقع، ولا تطلع لهم من تحت الأرض التى يعتصمون فوقها، ويبدو أن كثيرين منهم قد وجدوا متعة فى البقاء حيث هم، «ولماذا لا؟!» والطعام يذهب إليهم بلا جهد، وبلا ثمن، وأغلب الظن أن بين معتصمى الميدانين مئات من الغلابة، الذين استقروا فى المكان، ووجدوا فيه ملاذاً، لأسباب اقتصادية بحتة، لا علاقة لها بالسياسة، ولا بمرسى المعزول، ولا بالإخوان، ولا بشىء من هذا أبداً، وإنما لأن كل واحد فيهم يبحث عن وجبة مجانية يومية، وهو الشىء الذى يجده هناك بسهولة.. فينام ويقوم بين المعتصمين، وهو ضامن أن طعامه مضمون، وأنه سوف يأتيه، وهو جالس فى مكانه!
والغريب أن هؤلاء الذين يرسلون وجبات الطعام إلى رابعة أو إلى النهضة، فى كل صباح، لم يجرِّب أى واحد فيهم أن يرسل أبناءه ليشاركوا الموجودين اعتصامهم، وهو ما تفعله قيادات جماعة الإخوان بالضبط.. وإلا.. فهل ذهب إلى هناك أى من أبناء الأسماء الإخوانية إياها، التى تبث سمومها من على المنصة، المنصوبة فى الموقعين فى كل مساء؟!
لم يحدث أبداً، وهو ما يكشف لنا، أن هذه القيادات الإخوانية التى تعيش خارج الزمن، تستخدم شباباً بريئاً، كوقود فى معركتها الوهمية التى تتصور أنها تقودها مع الحكومة ومع الدولة ومع الجيش، فى حين أن معركتها الحقيقية مع الشعب نفسه، وهذا ما لا يريدون أن يروه، ويتعامون عنه فى كل لحظة!
باختصار.. فإن من حق الدولة فض هذا الاعتصام بأى طريقة، وإذا كان هناك من سوف يجادل فى هذا الحق للدولة، فإننا نسأله عن الطريقة التى فض بها «أردوجان» اعتصام ميدان «تقسيم» الشهير، فى بلده، مستخدماً الغاز ومدافع المياه، ثم أتى ليتباكى على الإخوان، دون خجل!
غير أننا نقول إن مدافع المياه وقنابل الغاز مرحلة ثانية تسبقها مرحلة تجفيف المنابع من بعيد، ليفارق الميدان كل الذين يعسكرون فيه من أجل الوجبة، ولا شىء غيرها، وعندها، سوف يتعرى موقف الإخوان، وسوف يقفون وحدهم، وسوف يتبين لهم، قبل أن يتبين لنا، أنهم عشرات، وربما مئات لا أكثر!
أما هؤلاء الذين يمولون الاعتصام بالطعام، فلا يجب منعهم من المنبع فقط، وإنما تجب محاسبتهم بقوة، لأنهم يؤذون بلداً بكامله، ويلحقون به أبلغ الضرر، بما يسربونه من مواد غذائية إلى أهل الكهف هؤلاء، فى «النهضة»، أو فى «رابعة»، متصورين أنهم يفعلون الخير، فى حين أنه شر خالص!