بأى صفة تتدخل آن باترسون السفيرة الأمريكية فى الشأن المصرى، ثم تقطع كاترين آشتون، الممثل السامى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبى، الطريق لتطمئن بنفسها على مرسى، وتذهب لزيارته، فتتفقد المكان المحتجز فيه المخلوع، حتى تصل بها الوقاحة إلى فتح الثلاجة؟ ثم يأتى وفد الاتحاد الإفريقى، الذى جمد عضوية مصر، متحديا إرادتها الشعبية، ليزور مرسى، ثم يأتى الوفد الألمانى للاطمئنان على مرسى، ونحن فى انتظار زيارة برنارد ليون، ممثل الاتحاد الأوروبى لشؤون جنوب المتوسط.
هذا بخلاف الوفد رفيع المستوى، قليل العدد، الذى سيرسله أوباما إلينا، ويترأسه عضوا السيناتور الأمريكى: جون ماكين (حبيب الإخوان من زمان) وليندسى جراهام، وذلك، وحسب ما ذكرته صحيفة «لوموند» الفرنسية، بهدف «ممارسة ضغوط على الجيش المصرى لإجراء انتخابات مبكرة»! ولا يخفى على أحد أن خارطة الطريق التى ارتضتها القوى الوطنية كافة، بما فى ذلك حزب النور، كانت قد حددت موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى وقت قريب جدا، ولكن عقب تعديل الدستور.
مندهشة جدا على عدة أصعدة:
فلم يعرف عن الغرب ولاءه لعميل من قبل سوى عزام عزام الجاسوس الإسرائيلى. ولم تسلك الولايات المتحدة التى خدمها مبارك خدمات جليلة، هذا المسلك الشائن الذى سلكته حيال جماعة الإخوان المسلمين، ولم يسبق للاتحاد الأوروبى أن حرص على سلامة شخص من قبل، اللهم إلا زيارة وفد الاتحاد الأوروبى للجاسوس عزام عزام، ومساعيه للإفراج عن البلغاريات اللاتى حقن الأطفال بالإيدز فى ليبيا، ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبى لم تصل درجة هيامه بكل من عزام عزام والممرضات البلغاريات إلى المستوى الذى وصل إليه هيامه بمرسى. الثلاجة؟ الثلاجة يا آشتون؟ وما أخدتيش الغيارات فومين بالمرة ليه؟
لم يعد من المجدى الحكى فى المحكى، ومحاولة البرهنة على خيانة الإخوان المسلمين، فمنكرها إما خائن مثلهم وإما أبله. ولم يعد خافيا على النملة فى جحرها أن الإخوان يسعون إلى تدويل مشكلتهم، والتى هى ليست مشكلة بالأساس، فكل ما هنالك أنهم حكموا لمدة عام أحرزوا فيه الفشل تلو الفشل بتفنن وبلا انقطاع، حتى بات أمن مصر القومى والمائى والغذائى مهددين، وهم يحاولون تجاوز نقطة الفشل وعدم طرحها للمناقشة، ويرغبون فى تدويل الأمر حتى تبدو الجماعة فى نفس موقف المعارضة السورية، (والتى بدأت أتشكك فى كل أخبارها وأقوالها، إذ إن المتزعم لنقل أخبار المعارضة السورية هم الإخوان الكاذبون).
الحقيقة أن تأهب الإخوان لإشعال حرب أهلية فى مصر ليس وليد اليوم أو الأمس، وليس نتاجا لفشلهم فى الحكم، على العكس تماما، فقد بدا أن الإخوان يتحرقون لخوض الحرب الأهلية فى مصر منذ فترة حكمهم، بل إن الإخوان أرسلوا لنا رسالة تهديد بالحرب الأهلية على لسان خيرت الشاطر نفسه، إبان معركة محمد محمود نوفمبر 2011. إذن نحن أمام فصيل قد اتفق بالفعل مع كل الخواجات الذين يأتون ليحفروا لنا الخندق، ويشعلوا بلادنا بقدومهم الشؤم، على إشعال حرب أهلية. فى عدة جلسات خاصة، ومنذ زمن بعيد، كان الإخوان، قيادات وقواعد، عادة ما يقولون بشكل عابر: إحنا تسعين مليون، ما جراش حاجة لما عشرة مليون يموتوا عشان البلد تتصلح. وبالطبع تصليح البلاد فى نظرهم هو تبنى مصر لمشروع الإخوان الذى يقضى على هويتها وأمنها، بل وحدودها. وقد صرح بذلك رئيسهم، المخلوع، حين قال: ما يجراش حاجة لما نضحى بجزء من الشعب عشان البلد تمشى.
كنت قد كتبت فى يوم 29 نوفمبر 2012 على مدونتى «جبهة التهييس الشعبية» مقالا بالعامية عنوانه: (الإخوان والسلفيين بيستعدوا لحرب أهلية). وذكر فيه المؤشرات، والأسباب التى تجعل الحرب الأهلية فى مصلحة التنظيم الدولى لجماعة الإخوان المسلمين.
طيب.. دول الإخوان، فلماذا نساعدهم نحن؟ لماذا نسمح بتدويل القضية ونسمح لكل من هب ودب أن يأتى إلى مصر ويطلب زيارة مرسى؟ ولماذا لا يتم وضع مرسى فى السجن طالما أنه متهم فى عدة قضايا؟ ولماذا لا نجد فردا واحدا يقول للمختلفين علينا من ممثلى الاحتلال الجديد ونذيرى الخراب بأن ما يحدث فى مصر شأن داخلى لا دخل لكم به؟ وعلى أى أساس يسمح ماكين لنفسه بتحديد موعدا للانتخابات المصرية، قبل تغيير الدستور، ليتم الإبقاء على الأحزاب الفاشية الدينية، ولنجد أنفسنا نطرد الإخوان من باب الثورة فيعودوا إلينا من نافذة الانتخابات؟!
طيب ما تحترموا نفسكوا.. أقول ذلك للقائمين على الأمر فى مصر لا أستثنى منهم أحدا: طلبتم من الشعب الخروج لدعمكم المرة بعد المرة ولم يخذلكم الشعب.. فلماذا تخذلونه وتذلونه؟ احترموا أنفسكم.