أرجو أن تسامحني يا «هاني» على إنني منذ شهرين لم أتي إليك لنتقابل سوياً كعادتنا كل أربعاء في «التكعيبة» .. فكما تعلم أن الله قد رزقني بـ «حليم» صغير .. فكما تعلم أن المولود الحديث يسبب إضطرابات في كل شيء، فما بالك عندما يكون المولود الأول الذي أتعلم فيه .. لقد أصبح كل شيء في حياتي مختلف بعد مجيئه كما قلت لي بعد زواجي عن ما كنت قد إعتدت عليه .. فلا لقاءات الأصدقاء ولا ممارسة الهوايات ولا حتى الخروجات كما كانت.
أنا عارف ان السبب مش كافي ومن حقك تزعل مني وتعاتبني أكثر من كده .. لكن مش من حقك تغيب عني إلى الأبد من دون مقدمات.
إسأل «ناصر أمين» .. أنا ظللت منتظرك يوم ٣ يوليو في «التكعيبة» حتى وضح النهار فرغم أن هاتفك مغلق كنت مُصر على إنتظارك لأني أحسست أن هذا اليوم العظيم لن تكتمل عظمته إلى عندما يختتم بلقائك .. لكنك لم تكن تريد أن تختمه كما شئت .. وتركت لك سلامي مع «ناصر» وذهبت وأنا في غاية الإحباط.. فكان هذا اليوم الأول الذي خاب ظني فيه تجاه لقائك .. فأنت لم تأتي ولن تأتي أبداً .. قد قررت أن تعذبني إلى يوم أن ألقاك فيه لأطلب منك أن تسامحني.
لا أريد أن أعرف سبب رحيلك المفاجئ فهذا ليس خيارك .. لكن ما يهمني أن أعرفه .. هل قابلت ملك الموت مبتسماً كعادتك في لقائك مع كل البشر ؟
كنت أعتقد أن مجموعة «التكعيبة» هي التي تعريفك جيداً هي التي تحبك وتحترمك وتجلك وتعتز بك .. لكن كما تعلم لا تعرف قيمة الشيء إلا عندما تفقده .. فمنذ لحظة رحيلك وقفت مصر كلها تتحدث وتتحسر على خسارة «هاني درويش» .. فبدا لي وكأنك كنت تعرف المصريين جميعهم ويعرفونك جيداً .. كما لم يعرفوا أحداً من قبل حق هذه المعرفة.
كل ما أتمناه يا «هاني» الآن .. أن تصحو من نومتك الأبدية الجميلة للحظات بسيطة تنظر إلى محبتك في التي في قلوب كل من عرفوك .. المحبة التي لا تباع ولا تشترى .. المحبة الخالية من أي غش ونفاق .. محبة القلوب الطاهرة.
أسف يا «هاني» مضطر أختم كي أتي إليك لأودعك الوداع الأخير وأدعي في صلاتي عليك بالمغفرة والرحمة .. وأحاول أن أهمس في أذنيك لأعتذر إليك وأنت محمولاً على عنقي .. علَّك تسمعني.