ما هو بالضبط الدور الذى تلعبه آشتون؟ لماذا تجىء إلى مصر وتطلب الاجتماع بالرئيس المعزول وبأعوانه؟ إن التفسير الرسمى لمهمتها، والذى أطلقته المفوضية الأوروبية هو أنها تحاول معالجة «الانسداد السياسى»، لكن هل طلب أحد فى مصر «تسليك» هذا الانسداد؟ ثم من من قال إن هناك «انسداداً» أصلاً؟ إن الوصف الصحيح للوضع فى مصر الآن هو أنه قامت ثورة قوامها عشرات الملايين من البشر ضد حكم الإخوان، وتم إسقاطهم بناء على رغبة الجماهير وإحلال نظام جديد مكانهم، لكن جماعة الإخوان الجوعى دوماً للسلطة رفضت الاعتراف بثورة الملايين، وبدأت الاعتصام وقطع الطرق والتحريض على العنف والإرهاب، وفى كل يوم جديد يتم اكتشاف عدد من الجثث لضحايا التعذيب والقتل على يد الإخوان، وبالتالى فإن كان هناك «انسداد سياسى» فى مصر، فإن جماعة الإخوان هى التى تسد الطريق أمام إعادة بناء الدولة والمضى قدماً على طريق الديمقراطية التى نادت بها الجماهير.
لو كانت آشتون ترغب حقاً فى «تسليك» الانسداد الذى يقف الآن فى طريق تنفيذ خريطة المستقبل التى أعلنت بعد عزل مرسى والتى تم الالتزام بها حرفياً حتى الآن، فإن عليها أن تتوجه بالنصيحة أو بالضغط أو أياً كانت أسلحتها الأخرى إلى أصدقائها فى رابعة العدوية، وليس لمن ينفذون رغبة الجماهير فى إزاحة كابوس الإخوان الذى جثم على صدورنا سنة كاملة قام خلالها «بسد» كل منافذ الإصلاح والتقدم دون أن تشكو السيدة آشتون آنذاك من «الانسداد» السياسى أو غير السياسى.
ثم إننا لم نشهد أى تحرك من السيدة آشتون أو غيرها حين خلع الشعب الرئيس مبارك ونظامه، لم تطلب منا المفوضية الأوروبية ضرورة التصالح مع النظام المخلوع وضرورة إشراكهم فى الحكم أو الإفراج عن مبارك، فلماذا ذاك؟
هل لأن مبارك قبل مصيره وفوض غيره بينما يتمسك محمد مرسى وأعوانه بالعودة للسلطة؟!
إن ما تطالبنا به السيدة آشتون لا سابقة له فى التاريخ، فلا ألمانيا تصالحت مع النازية التى مازالت محظورة حتى الآن، ولا الثورة الفرنسية تصالحت مع ملكية لويس الـ16، ولا الثورة البلشفية تصالحت مع روسيا القيصرية.
إن الدور الذى تقوم به آشتون سبق أن حاوله المبعوث الأمريكى وليام بيرنز لكن ممثلى الثورة رفضوا لقاءه فلم يعد إلى مصر ثانية، وإذا استمرت آشتون فى أداء هذا الدور المرفوض فستلقى الفشل نفسه الذى لاقته مهمة بيرنز.