الأرقام الرسمية أن عدد القتلى منذ 3 يوليو فى مصر تجاوز 300، وعدد الجرحى تجاوز 3 آلاف.
كل يوم، وكل ساعة، فى أغلب مدن مصر، وفى كثير من أحيائها، هناك اشتباكات عنيفة بجميع أنواع وسائل القتل والجرح من الطوب والحجارة إلى السكاكين والبنادق والمسدسات.
كل يوم، وكل ساعة، هناك ضحايا من المدنيين ورجال الشرطة والجيش من سيناء إلى أسوان، ومن مرسى مطروح إلى الجيزة.
دعك من وصف هذا القتيل أو ذاك بأنه شهيد أو غير شهيد. الشهيد هو من يموت فى سبيل الله سبحانه وتعالى، وهو وحده الذى يعلم من مات فى سبيله.
قال البرادعى أكبر رموز الديمقراطية فى مصر اليوم وهو يقبل تدخل الجيش إنه «أخف الضررين»، والضرر الآخر كان الحرب الأهلية كما حدث فى بلاد أخرى من أفغانستان إلى سوريا.
وموقف البرادعى يمثل كل من يؤمن بالديمقراطية، فالسياسة تمارس فى الواقع، والواقع أهم من كل الأفكار والنظريات. وبتدخل الجيش تم إنقاذ مصر من الحرب الأهلية، وعندما توضع الحرب الأهلية فى كفة وأى شىء آخر فى الكفة الأخرى، فإن مجرد أن تكون وطنياً أى تحب الوطن، يعنى أن تختار الكفة الأخرى.
أغلب أفراد الشعب المصرى عبروا عن إدراكهم بأن الحرب الأهلية تعنى خراب مصر الشامل، ولذلك قاموا بثورة 30 يونيو وطالبوا الجيش بالتدخل، وتدخل الجيش فى 3 يوليو، فأيدوه، وطلب الجيش التأكيد على ذلك التأييد، فكانت مظاهرات 26 يوليو.
ولكن من يريدون العودة إلى السلطة يمارسون على أرض الواقع ما يشبه الحرب الأهلية عن طريق هذه الاشتباكات المتواصلة، وكلما زادت الفوضى وظلت أعداد القتلى والجرحى فى ارتفاع، تصوروا أن عودتهم إلى السلطة تقترب.
ويقدم هؤلاء فى تحقيق ما يريدون على شق الصف السياسى الذى قاد ثورة 30 يونيو، وذلك عن طريق الضغط بأشلاء الضحايا وجراح المصابين، والإيهام بأننا أمام اختيارين لا ثالث لهما أما عودة نظام مرسى أو عودة نظام مبارك. ويستخدمون فى التأكيد على ذلك بعض إجراءات وزارة الداخلية مثل تفعيل الأمن السياسى.
والواقع أن هذه أمور إجرائية فنية، والمهم الممارسة فى الواقع أولاً وأخيراً، والوقوف ضد الممارسات المقيدة للحريات والمعادية للديمقراطية عندما تقع، وليس بافتراض أنها ستقع بهذا الإجراء أو ذاك، أو تغيير اسم الجهاز من أمن الدولة إلى الأمن الوطنى.
يسعى أعداء الشعب إلى ارتكاب جرائم مروعة تقتضى فرض حالة الطوارئ وقانون الطوارئ، وهو ما يلحق أكبر الضرر للنظام الجديد على كل المستويات السياسية والاقتصادية، ويتردد النظام فى ذلك لعلمه بتلك الأضرار، ولكن مرة أخرى الطوارئ أخف الضررين، وإن لم تعلن وهذا حالنا اليوم، فمتى تعلن.