لا يوجد حتى الآن تفسير واحد مقنع لسقوط هذا العدد من الضحايا (75 قتيلا بينهم اثنان من رجال الشرطة)، فجر السبت الماضى، على طريق النصر بالقرب من مسجد رابعة العدوية. هو رقم مرعب وصادم ومؤذٍ للمشاعر، خاصة أننا لم نعرف بعد لماذا سقط كل هذا العدد من الضحايا.
المؤتمر الصحفى لوزير الداخلية كان باهتا وصادما، فقد أكد أن رجال الشرطة لم يطلقوا الرصاص الحى على المتظاهرين، وإذا كان ذلك صحيحا فكيف سقط 75 قتيلا إذا كان الأمن لم يطلق عليهم الرصاص؟! بما يعنى ضمنا أنهم كانوا متظاهرين سلميين.
إن كل الصور التى خرجت حول هذه المواجهة لم تظهر فيها إلا صورة متظاهر واحد يحمل سلاحا، على الأرجح خرطوش، صحيح أن طائرات الجيش صورت مجموعات من المخربين الذين قاموا بتحطيم سيارات عامة وخاصة، وأشعلوا النيران فى الإطارات، وألقوا أكواما من الحجارة على أجهزة الأمن، وصنعوا متاريس وأغلقوا طرقات، وهى كلها جرائم يحاسب عليها القانون، لكنها أبدا لا تساوى أن يلقى 75 مصريا مصرعهم ويصاب المئات.
نعم لقد صدمنا حين سقط 53 قتيلا أمام نادى الحرس الجمهورى، لكننا صدمنا أيضا أن تخرج من الأصل مظاهرة تهاجم أحد المقار العسكرية (حتى لو كان ناديا اجتماعيا)، وتشهر السلاح فى وجه حراسه، ولو حدث ذلك فى أمريكا أو أوروبا لكان الرد أكثر قسوة مما شاهدناه فى مصر.
تألمنا جميعا حين سقط العشرات أمام دار الحرس الجمهورى، ولم نجد أحدا يحاسب من دفعوهم إلى هناك وأعطوهم سلاحا ليطلقوا النار على رجال الشرطة والجيش، لكننا تألمنا أكثر حين شهدنا 75 ضحية يسقطون فى طريق عام، ولم نجد ردا واحدا يفسر لنا سبب ما جرى.
لا يجب على أى مواطن حقوقى أو غير حقوقى، إخوانى أو ليبرالى، داخل الحكومة أو خارجها، أن يغمض عينيه عن سقوط 75 روحا ونفسا بشرية فى طريق عام، فإذا حمل بعضهم سلاحا فيجب أن يكون هناك دليل قاطع على ذلك يقول لنا إن الشرطة كانت فى وضع دفاع عن النفس، واضطرت لأن تطلق النار، وليس كما قال وزير الداخلية إنها لم تطلق النار على أى مصرى، وإذا كانوا قد قتلوا نتيجة اشتباك مع أهالى منشية ناصر، فيجب أن تكون هناك أدلة تثبت ذلك.
رواية الداخلية حتى الآن غير مقنعة ويجب ألا تغمض لنا عين قبل أن نعرف ما هو سبب سقوط كل هذا العدد من القتلى مهما كان خلافنا معهم، أو بالأحرى مع قادتهم الذين يغسلون أدمغتهم ويرسلونهم لميادين الموت، وفى الوقت نفسه يخبئون أبناءهم خلف تويتر وفيس بوك ليحرضوا العالم ضد شعب مصر ودولته الوطنية الباقية بإذن الله.
رحم الله كل ضحايا العنف الأعمى، واسلمى يا مصر من كل سوء.