ربما يبدو مجرد خبر صغير لا يستحق الاهتمام، كشف عنه حسن يوسف فى حواره مع الناقد والكاتب الصحفى الصديق مجدى عبد العزيز لجريدة «أخبار اليوم» عندما أعلن أنه تخلص من ذقنه التى لازمته على مدى أكثر من عشرين عاما منذ أن أصبح يطلق على نفسه تعبير فنان ملتزم وليس معتزلا، الالتزام يعنى أنه لن يقدم أدوارا بها انحراف أخلاقى.
لم يحدد حسن على وجه الدقة الأسباب التى دفعته لكى يمسك بالموس ويضحى بأعز ما يملك، ولكن من الواضح أن نظرة المجتمع لأصحاب اللحى والنقاب بعد إزاحة الإخوان عن الحكم صارت تحمل الكثير من الاتهامات، أتصور أن هذا الأمر لعب دورا فى حسم القرار، حيث إن للمجتمع الذى نعيش فيه قوة ضاغطة تجعلنا نتوجه لاتباع سلوك خارجى ما أو اجتنابه، والنقاب واللحية والجلباب وغيرها، رغم ما تحمله من معانٍ دينية فإن دلالاتها الاجتماعية لا يمكن إغفالها.
طوال السنوات السابقة وحسن يوسف متمسك بتلك الذقن حتى عندما انتقل فى عام 2009 إلى المشاركة، وعلى غير العادة فى المسلسل الاجتماعى «زهرة وأزواجها الخمسة» مؤديا دور أحد أزواج غادة عبد الرازق اشترط على الإنتاج احتفاظه بها، وكم من الأدوار ضاعت عليه، لأن مخرجيها طلبوا منه حلاقتها، أتذكر أن المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ رشحه لبطولة العديد من المسلسلات بشرط حلاقتها وجاء الرد حازما مش ح يحصل حتى لو حلق إسماعيل شنبه، والغريب أن المخرج الراحل لم يكن لديه أساسا شنب حتى يحلقه.
كان حسن يوسف مستبعدا من التكريمات فى زمن مبارك، وأكثر من مهرجان كان يتحفظ على إدراج اسمه، بل إن مهرجان القاهرة أكثر من مرة رشحه للتكريم ثم تراجع، وسبق له أن كشف سر الاتصالات التى أجريت معه عند ترشيح اسمه لتكريمه فى مهرجان القاهرة السينمائى، وأكد أنه وافق من حيث المبدأ، ولكن عند إعلان الأسماء سقط اسمه، اعترض وقتها فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق والذى تعود إليه كل الترشيحات فى نهاية الأمر؟! الذى أعرفه ويعرفه أيضا كل من له علاقة بدائرة السينما والفن أنه قد تم القفز تاريخيا على مرحلة حسن يوسف حيث تم تكريم كل الجيل السابق ثم الجيل التالى له، أما هو فإنه مستبعد لأسباب تخاصم، بالتأكيد، المنطق، لأن التكريم يعنى التاريخ وليس اللحظة الراهنة وتاريخ حسن يوسف يضعه فى مكانة مميزة جدا لا يستطيع أحد أن ينكرها، صحيح أنه ابتعد فى مرحلة ما من عمره قبل نحو أكثر من 10 سنوات، لكنه عاد فى أعمال دينية مثل «الشيخ الشعراوى» و«الإمام المراغى» و«الإمام عبد الحليم محمود».. ثم كانت محطته مع مسلسل «زهرة»، أنا لا أوافق على الكثير من آراء حسن يوسف فى الفن، خصوصا عندما يضع معيارا دينيا فى التقييم عملا بعبارة رددها الشيخ محمد متولى الشعراوى، وهى أن حلاله حلال وحرامه حرام.. لا يوجد فى الفن حرام وحلال، ولكن هناك فن جميل وفن قبيح، حتى إن الشعراوى أكد لحسن يوسف أن كل النساء اللائى تزوجهن فى الأعمال الدرامية صرن فى الحقيقة زوجاته، أخبره حسن بأنه لم يكن يدرك ذلك أجابه بأن أى زيجة قادمة فى الأفلام أو المسلسلات ستحسب عليه، ولا أدرى فى الحقيقة كيف تزوج بعد تلك الفتوى من غادة عبد الرازق أقصد الحاجة «زهرة».
أعترض على الكثير من آراء حسن يوسف، ولكنى على المقابل لا أوافق على تجاهل تاريخه الفنى، خصوصا أنه لم يتنصل منه، يا ليت مهرجان القاهرة فى هذه الدورة يفكر فى تكريمه، فهو لم يضع علامة حمراء على أفلامه ولم يطالب مثلا بمنع تداولها مثلما فعلت زوجته شمس البارودى، فلماذا تخاصم المهرجانات حسن يوسف، كانوا يقولون فى تبرير ذلك إن الدولة لا ترحب بأن يصعد على المسرح لاستلام جائزته فنان له لحية، رغم أن هذا يدخل فى إطار الحرية الشخصية، لأن كل إنسان من حقه أن يطلق ذقنه أو يحلقها.. كنت أؤيد حقه المطلق فى إطلاقها وعلى استعداد لأنْ أهتف على طريقة فيلم شارع الحب.. «دقن الأستاذ.. تا .. تعيش».. ولكنه حلقها»!