أقوى وأروع ما فى التشكيل الوزارى الجديد، هو أن وزيرة الصحة امرأة، هى الدكتورة مها الرباط. وفرحتنا نحن النساء بوزيرة الصحة بلا حدود، ليس فقط من واقع كفاءتها وتاريخها المهنى المبشر.. لكن بكل تحيز لأنها امرأة.. والمرأة هى الأقدر على تحقيق الأحلام الإنسانية المستحيلة.. المرأة المصرية هى نسيج مختلف.. هى مزيج عبقرى من المشاعر وقوة الإرادة والخيال والنبوغ العلمى والشجاعة.. والأدلة كثيرة ومبهرة.. فالمرأة المصرية هى القائد الحقيقى لثورة المصريين ضد التخلف والتجارة بالدينى، هى المحرك وهى القائد وهى المناضل الشرس ضد كل من يهدد سلامة بيتها ووطنها، والنموذج الأقرب هى والدة الشهيد خالد سعيد.. وكل امرأة معيلة فى مصر تخرج من الفجر للعمل فى البيوت أو المصانع بدأب وتحدٍّ هى بطلة.. لأن زوجها، غالبا، مرتاح فى البيت يترصد لها الأخطاء لتغطية عجزه وكسله وتناحته.
أعود إلى الدكتورة مها الرباط وزيرة صحتنا، وبهجتنا إن شاء الله.. وتفاؤلى بها مضاعف، لأنها اختبرت العمل بمستشفى قصر العينى الشهير ببلاويه رغم كفاءة الأساتذة الأطباء به، بالإضافة لكونها امرأة تعرف ما تعانيه الأم، خصوصا من تضطر إلى الخضوع لمهانة العلاج المجانى هى وأطفالها فى مصر.. وتعلم أن الداخل مفقود والخارج مولود فى أغلب مستشفياتنا، خصوصا الخاصة منها التى تستنزف المال بشراهة وغياب ضمير.. هى تعلم وأكيد هى غاضبة، ويا ريت تكون غاضبة جدا جدا.. فالمرأة الغاضبة هى الأمل فى إصلاح الفاسد والمتهدم والقبيح.. وحال الصحة فى مصر يُحزن وفساده مكشوف ومعلن، ابتداء من سوء حال غرف العمليات فى المجانى، إلى سوء سلوك وإهمال التمريض.. هى تركة خربة، لكن المرأة مخلوق يملك من الرؤية الثاقبة، والمشاعر الفياضة، والإرادة الحديدية ما يصنع المعجزات. والمعجزات المطلوبة ليست مستحيلة، فقط تحتاج إلى قلب شجاع وعين رحيمة، وهى أسلحة الدكتورة مها.. نريد منك رقابة على الطبيب وعلى الممرضة منذ لحظة استلامهم المريض.. رقابة يومية حازمة.. ونريد تطبيق النموذج الإنجليزى فى التأمين الصحى، لأنه الأفضل فى العالم.. نطالبك أن تكونى السبب فى إحساسنا بالأمان إذا أصابنا مرض ونحن فى شيخوختنا ونعيش بمعاش لا يكفى قوت كلب.. إذا نجح فى توفير أجرة الطبيب يفشل فى توفير ثمن العلاج.. لا نريد إهانة كبار السن فى دهاليز التأمين الصحى ووفاتهم من قذراة الأسرة قبل انعدام خبرة الطبيب وغياب ضمير الممرضة.. نريد خطة سريعة لإنقاذ القرى والنجوع من أمراض الفقر والجهل وانهيار مستشفيات وزارة الصحة وهروب الأطباء منها.. لا نريد أن يأتى مرضى الأقاليم للتزاحم على مشاهير الأطباء وعن أمل فى شفاء فى العاصمة. سيدتى وزيرة الصحة، أعلم أن لديك خطة وأفكارا لتوفير العلاج والدواء لكل محتاج فى كل بقعة على خريطة مصر.. ومنها طلب مساهمة رجال الأعمال فى دعم ميزانية وزارة الصحة.. ابدئى فورا، وسوف تدهشك النتائج.. فالشعب المصرى الذى خرج فى 30 يونيو وفى 26 يوليو هو كله معك، وسوف يدعمك كل تلميذ فى كل مدرسة بجنيه من مصروفه أسبوعيا.. وكل ربة بيت بالمثل.. وكل امرأة عاملة ستهبك المال والوقت والخبرة.. كل حى ممكن يساعد بتشكيل مجاميع من النساء المدربات للرقابة على مستشفيات الحى، ترفع تقاريرها اليومية والأسبوعية لرئيس الحى، ثم تلتقى بك شهريا لطرح المشكلات وأنسب الحلول وطرق التمويل والتنفيذ.. إصلاح الحال ليس مستحيلا، ولن يستغرق عمر أجيال أبدا.. لأن الوزيرة امرأة.. المهم أنها تحلم مثلنا.. تحلم وتملك أن توفر لنا مستشفى نظيفا ومجهزا ومراقبا بدقة وصرامة، وطبيبا مطمئنا ماديا، ومطمئنا عمليا على مريضه أنه فى أيد أمينة، لا تضع يديها فى جيوبه أولا.
سيدتى الوزيرة أنت أول امرأة تتولى وزارة الصحة بعد 31 وزيرا على مدى 77 عاما.. ستحققين المعجزات، وسنساندك وتساندك كل أسرة تحلم بأمان الرعاية الصحية.. انطلقى بقوة وفورا، استعينى بشباب الأطباء الأكفاء الذين تعتمد عليهم مستشفيات دول الخليج وأوروبا وأبهروا العالم بمهاراتهم، لا تتركيهم يهربون من سوء الحال والمال.. الأسلحة فى يدك من فضلك فرِّحينا لأننا تعبنا جدا.