منذ ذلك الإعلان الدستورى الكارثى، الذى نصَّب مرسى نفسه فيه، بأوامر من جماعته، نصف إله، لا يُسأل عما يفعل، انقسمت مصر إلى فئة قليلة، هى أهله وعشيرته، الذين يجمعهم من كل مصر، ليصفّقوا له، ويؤيّدوا ألوهيته، ويعلنوه شريكًا لله عزّ وجلّ، فى أن لا يُسأل عما يفعل، وفئة كبيرة، هى كل أطياف الشعب... ومنذ ذلك الحين، لم يخلُ خطاب، من خطابات مرسى، أمام أهله وعشيرته، الذين اكتفى بهم، من دون شعب مصر، من تلويح بسبّابته، وتهديد ووعيد، وحديث عن مؤامرات وهمية، لم يُلقِ القبض على إيد مقشة واحدة فيها... ولكى يؤيِّد الإخوان ممثلهم فى الرياسة، ابتكروا مؤامرة وهمية، أذاعوها على الشعب كله... مؤامرة تقول إن مئة وخمسين من المدرَّبين، سيقتحمون القصر الجمهورى، باعتبار أن الحرس الجمهورى أراجوزات وبهلوانات سيرك، ويختطفون الرئيس، ثم يجازفون بالخروج به من القصر، وعبور مصر كلها، على الرغم من حالة الاستنفار الأمنى الحتمية، التى لا بد وأن تعقب اختطاف رئيس، ثم يخبئونه، ويسافرون به خارج الحدود، كأن الأمن يتكوّن من خفراء درك فحسب، ومن خارج البلاد يوعزون إلى المحكمة الدستورية العليا بإعلان خلوّ منصب الرئيس! ولست أدرى بالضبط مَن المستشار الأمنى الرهيب لسيادته، الذى يستحق مع الجماعة لقب «متآمر وأهبل»، ولكن لو أن الجماعة عرضت هذه المؤامرة العبيطة، على الواد عبده الأهطل، وهو جالس يدخِّن الشيشة، على قهوة أبو ريالة، لأبدى دهشته، ولسألهم: «طب وليه ده كله يا بهوات؟! ما دام المية وخمسين دول حيوصلوا له، ماينشّوه طلقة فى نافوخه، ويخلوا منصب رئيس الجمهورية على طول، فى التوّ واللحظة!». وعبده الأهطل سيقولها، لأنه لا يقرأ ولا يكتب، ولكنه ليس متآمرًا وأهبل... ومع الحديث المستمر عن المؤامرات، طوال عام كامل، لم نسمع عن متآمر واحد تم القبض عليه، ولا حتى الواد بتاع الكهربا، الذى سبّب أزمة فى البلد كله، بعشرين جِنِيه عُمْى! وحتى بعد سقوط حكم الإخوان، وسعيهم الدؤوب لهدم مصر كلها، فى سبيل العودة إلى الحكم، أثبتت لجانهم الإلكترونية أنها ما زالت تتبع مبدأ «متآمر وأهبل»، فهى تصوغ بيانات وهمية، منسوبة إلى ضباط جيش مجهولين، للإيحاء بوجود انشقاق داخل الجيش، على أمل الحرب الأهلية، التى تخرب مصر كلها، والتى إذا ما اندلعت، فسيتمّ ذبحهم فى الشوارع، وسلخهم أحياء، من قِبَل الشعب نفسه، الذى صار يبغض كل ما ينتمى إليهم، من قريب أو بعيد... ولأنهم يتبعون مبدأ «متآمر وأهبل»، فهم يصوغون البيانات المضروبة بلغة إخوانية صرفة، تتحدّث عن السبعمئة مليون، الذين خرجوا من قبورهم، فى كل مدافن مصر، لتأييد مرسى والكرسى، فى حين لم يخرج سوى ثلاثة وثلاثين مليونًا فقط لرفضه، ورفض عبوديته للمرشد والجماعة! بجد بجد بجد... كل واحد فيهم متآمر... وأهبل.. قوى.
متآمر وأهبل.. «2»
مقالات -
نشر:
28/7/2013 3:43 ص
–
تحديث
28/7/2013 10:45 ص