منذ عدة أشهر طالبنا بالاستدعاء السياسى للجيش المصرى لمواجهة «أخونة» الدولة المصرية، الأمر الذى كان يؤكِّد خروج الرئيس مرسى وجماعته «الإخوان» عن قواعد العملية السياسية التى تستوجب احترام مبدأ تداول السلطة بطريقة سلمية، وتصوروا أنهم فى الحكم مخلدون ومستمرون إلى الأبد وفقا لنظرية «السلّم» التى تسمح بصعودهم فقط دون الآخرين ثم يسحبون السلم معهم لتموت العملية الديمقراطية بعد صعودهم.
وكانت الحجة القوية فى المطالبة بهذا الاستدعاء، أنه لا يوجد من يستطيع مواجهة هذا الفصيل غير الشرعى، سوى قوة منظمة تتجاوز قدراتهم التنظيمية وأدوات القوة التى يمتلكونها بما ينافس الدولة وميليشياتهم المدربة على ضرب القوى السياسية المنافسة لهم والتى لا تمتلك ما لديهم من عتاد وإمكانات ودعم مالى خارجى فاق الحدود، ولم نجد على الساحة سوى القوات المسلحة، تلك المؤسسة الوطنية التى يعتزّ كل مصرى بها، بل ويفخر بجيشه الوطنى.
وقد أعطى الجيش الفرصة تلو أخرى لكى يراجع الرئيس نفسه ومعه جماعته لكى يصحِّحوا من مساراتهم وخياراتهم بما يضمن سلامة العملية الديمقراطية، حتى إن الجيش أعلن أكثر من مرة عدم تدخله فى الشأن السياسى لكى يطمئنهم بأنه على الحياد، إلا أنهم ساروا فى طريقهم وعنادهم فاستكبروا وتجبروا وكان مسلكهم السياسى الذى يشهد الجميع عليه بأنهم غير عابئين أو مهتمين بالشأن المصرى، ولا مصلحة الشعب، ولكنهم مهتمون بأجندتهم فى تحقيق «الخلافة» على زعم أن الظروف مهيأة لذلك، واتضح -كما كنا نقول دائمًا- أنهم «واهمون»، لذلك فقد استقووا بالقوى الخارجية، وفى مقدمتها أمريكا وإسرائيل، وتصوروا أنهما البوابة الرئيسية الوحيدة التى تفتح لهم الآفاق لإنقاذ مشروعهم.
هذه الجماعة أثبتت الأحداث أنها عميلة للخارج وتعمل ضدّ مصلحة الوطن، ولديها من أدوات القوة ما تستطيع به تحدِّى الدولة والمجتمع والشعب، وليس لها ولاء إلا لمشروعها المدمِّر لوحدة الأوطان، وتستخدم كل الأدوات والأساليب سعيًا وراء تحقيق مآربها، وأبسط ما يوجه إلى قادتها من تهم فى هذا الصدد تهمة الخيانة العظمى للوطن، وهى التهمة التى تقودهم إلى حبل المشنقة أو ضربًا بالرصاص الحى.
تَوَهَّم هؤلاء أنهم مدعَّمون من الخارج، ونسوا أن كل من تغطى بالأمريكان كان عريان، ولم تستطِع أمريكا حمايته من غضب شعبه، ولم يتعلموا الدروس وفى مقدمتها شاه إيران عام 1979، وحسنى مبارك فى مصر عام 2011م، فالعملاء لا ضمان لحياتهم والخونة قِصَار العمر وإن طال، ومن باع أهله وشعبه ووطنه، فحياته قد انتهت منذ لحظة البيع، وواهم كل من يتصور غير ذلك لأن من يفرط فى إرادته يفرط فى عِرضه وشرفه، وليس أغلى من شرف سوى الانتماء إلى وطن، وليس أغلى فى العالم من شرف سوى الانتماء إلى مصر الغالية صاحبة الحضارة والأفضال على العالم كله، والتاريخ والجغرافيا يؤكدان ذلك.
وبعد أن أثبتت الوقائع أن هذه الجماعة إرهابية، وتنظيمها هش وضعيف على عكس المتصوَّر، خصوصا بعد أن تَدخَّل الجيش الوطنى لكبح جماحها ووقف مشروع الأخونة، لم يعُد سوى الاستدعاء الشعبى للشارع لوأد هذه الجماعة فكرا وممارسة وتقديم كل قادتها إلى القضاء المصرى الشامخ والعادل لكى يحكم مصيرهم، وكذلك لاقتلاع جذور هذه الجماعة الإرهابية.. وفورًا يستدعى الأمر إصدار الحكومة قانونًا فوريًّا بحظر هذه الجماعة أو الانتساب إليها أو الشروع فى تكوينها مرة أخرى مثل النازيين فى ألمانيا، والفاشيين فى إيطاليا، ومصادرة جميع مقراتها وأموالها داخل مصر وخارجها، مع حظر جميع الأحزاب على أساس دينى وحل الأحزاب القائمة على هذا الأساس ومصادرة أموالها ومقراتها تحقيقا لهدف الثورة فى 25 يناير، وفى 30 يونيو.. وإقامة الدولة المدنية الحديثة والديمقراطية.. وأخيرًا شكرًا لجيشنا وقائده عبد الفتاح السيسى، ولا يزال الحوار متصلًا.