وسط ميدان التحرير، وبالقرب من المنصة حيث احتجزت قرابة الساعة، غير قادر على التحرك من مكانى، بسبب الزحام الذى لم يشهده الميدان من قبل، دار الحديث بين الناس ما بين الهتاف ورفع الأعلام ومقاومة التدافع غير الإرادى للجماهير، وقد كان كلما تعرف علىّ أحد بادر على الفور بالسؤال: «ماذا سيحدث الآن يا أستاذ محمد؟ ها قد نزلنا جميعاً وقدمنا التفويض، فهل سنصحو غداً لنجد اعتصام رابعة كما هو وإغلاق ميدان النهضة كما تركناه بالأمس؟».
والحقيقة أننى استمعت إلى اقتراحات أكثر مما تلقيت من أسئلة لعلى أملك عليها إجابة، وقد تراوحت الحلول المقترحة بين ما هو معقول وما هو غير معقول، لكن الجميع اتفقوا على أن المبادرة الآن يجب أن تأتى ممن تم تفويضه، لكى ينهى عذاب الناس من جراء الاعتصامات وقطع الطرق ومن الترويع واستخدام العنف الذى راح ضحيته حتى الآن عدد من المواطنين الأبرياء سواء فى محيط ميدان النهضة ومنطقة بين السرايات، أو من تم تعذيبهم وقتلهم داخل اعتصام رابعة العدوية.
وقد انطلق رجل بعفوية يقول: الجيش يجب أن يقضى عليهم جميعاً خلال يوم واحد، هؤلاء أعداء الناس، ويجب ألا يتركوا هكذا يروعون الناس ويعطلون حياتهم، منتهكين كل القوانين.
أما المهندس الذى قدم لى نفسه، لكنى لم أدون اسمه وسط الزحام، فقد اقترح تصفية اعتصام رابعة وميدان النهضة سلمياً، وذلك عن طريق محاصرة الموقع من جميع الجهات، وعدم السماح لأحد بالدخول، مع السماح لكل من يريد الخروج بأن يفعل ذلك، دون ملاحقة من أى نوع، إلى أن تتم تصفية هاتين البؤرتين اللتين أصابتا حياة السكان بالشلل الكامل.
وقال أحد الشباب العاملين بالسياحة: الناس مع أى حل، شريطة أن ينهى هذا الوضع الذى لم يعد يحتمل، واقترح الشاب بعد تصفية رابعة أن يتم حظر الاعتصامات والمظاهرات، لمدة بضعة أشهر فقط، حتى تجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ويعود الاستقرار إلى البلاد.