راهن الفريق أول عبدالفتاح السيسى على الشعب عندما طلب إليه، يوم الأربعاء الماضى، أن ينزل إلى الشارع يوم الجمعة أى بعد 36 ساعة لإعطائه التفويض والأمر أن يواجه الإرهاب والعنف المحتمل. كان تصور السيسى أن يلبى نداءه نصف أو أكثر قليلا من الذين نزلوا ميادين وشوارع مصر يوم 30 يونيو، وأن الاستعداد ليونيو كان قد بدأ من قبل أكثر من شهر وبناء على طلب حركة تمرد وعدد من التنظيمات المدنية، وفى كل يوم كان يمر كان الشحن يزداد حتى وصل الشعب إلى بركان كان لابد أن ينفجر اعتبارا من الرابعة بعد عصر الأحد 30 يونيو. ولكن هذه المرة الذى يطلب هو الفريق السيسى وهى أول مرة، كما ذكر، يطلب فيها شيئا من الشعب، وقد جاء نداؤه فى شهر رمضان بظروفه الخاصة وعلى أساس الاستجابة له بعد ساعات قليلة من توجيه ندائه. وقد سارعت ماكينة الدعاية المضادة تثير التساؤلات حول هذه الدعوة وأن المقصود بها دعوة إلى القتال وبدء حرب أهلية، ولماذا لم تجئ من الرئيس المؤقت، أليس هو القائد الأعلى، وهذا فى الوقت الذى هددت فيه رابعة العدوية ونعيق، ولا أقول تغريدات، العريان وغيره بأن من سيخرج فى هذا اليوم سيضع نفسه فى مواجهة الخطر الذى سيلاحقه. ولهذا قلت إن السيسى راهن على المصريين عندما توجه مباشرة إلى الشعب باعتباره الأعلى من القائد الأعلى صاحب الشرعية الكبرى.
لم يخيب المصريون النداء، وعند ساعة الإفطار وبعدها كانت الملايين تسد مختلف ميادين مصر فى التحرير والاتحادية والإسكندرية والسويس والمنوفية والمنصورة والمحلة وغيرها من مدن ومحافظات لم تستطع عدسات التصوير أن تصل إليها لعدم امتلاك القنوات العدد اللازم لتغطيتها. أما من حيث العدد فقد كان واضحا أنه يزيد على الذين نزلوا يوم الحشر فى 30 يونيو، وكان التصور أنه يوم لن يتكرر.
وإذا كان الفريق أول السيسى قد كسب الرهان على شعبه، إلا أن الذى عليه إدراكه أن هذه الملايين بدورها قد أعلنت أنها راهنت عليه وأن عليه ألا يخذلها. راهن عليه الشعب فى إدارة حرب الإرهاب، التى قرر أن يخوضها بحكمة واستعداد وبعد تقديرات للموقف وضعت مختلف الاحتمالات التى تقع. وراهن عليه الشعب وهو يعرف أن هناك جبهتين واسعتين لهذه الحرب ضد الإرهاب فى سيناء والعنف فى رابعة العدوية وغيرهما. وراهن عليه الشعب وهو فى الوقت نفسه يعلن استعداده لدفع الثمن الذى تتطلبه هذه الحرب من شهداء وضحايا. لقد قام الشعب بمسؤولياته وأدى الأمانة، وأصبح الرهان على القائد العام وحكمته.