كان القضاء كلما برأ الرئيس الأسبق حسنى مبارك من تهمة، بحث له نظام حكم الإخوان عن تهمة جديدة، لا لإدانته، وإنما لمجرد الإبقاء عليه محبوساً، وقد تكرر هذا مراراً، حتى صار موضوعاً للسخرية والتندر عند المصريين.
وحين جاءتنى على الموبايل، فى وقت مبكر من صباح أمس، رسالة قصيرة من «الأهرام» ضمن خدمتها الإخبارية تقول إن قاضى التحقيق قد قرر حبس الرئيس السابق محمد مرسى 15 يوماً فى قضية الهروب من سجن وادى النطرون، فإننى تذكرت، تلقائياً، ما كان قد جرى مع «مبارك» على مدى شهور مضت.
وقبل أن يقول قائل، إن هذا القرار قرار سياسى، وليس قراراً قضائياً، أريد أن أذكِّر الجميع بأن التحقيق فى هذه القضية بدأ، وتم، فى أثناء وجود «مرسى» فى الحكم، بل إن محكمة جنح مستأنف الإسماعيلية، التى كانت تتولى القضية، منذ بدايتها، وجهت الاتهام مباشرة إلى الرئيس المعزول، وهو على كرسى الحكم!
فالرجل كان هو نفسه قد اعترف فى تسجيل شهير له مع «الجزيرة» بأنه هرب يوم 28 يناير 2011، أى فى عز ثورة 25 يناير من سجن وادى النطرون، مع آخرين ذكرهم هو بالاسم، من قيادات الجماعة الإخوانية.
وقد كان السؤال الذى حاول قاضى التحقيق التوصل إلى إجابة عنه، طوال فترة التحقيق فى قضية الهروب هذه، هو: كيف هرب «مرسى» فى ذلك اليوم من السجن، ولماذا هرب؟!
وكان السؤال الأكبر هو: مَنْ الذى ساعده على الهرب؟!.. إذ ليس سراً أن هناك عناصر من حركة حماس هى التى هيأت له الهرب، وساعدته عليه، وأمّنت عملية الهروب كاملة!
نحن، إذن، أمام جريمة جرى اتهام «مرسى» فيها، فى أثناء وجوده فى السلطة، وليس بعد عزله، وربما كان وجوده فى القصر، وقت إثارة المسألة والمضى فيها قضائياً هو الذى حال دون استدعائه، من جانب قاضى التحقيق، بحكم حصانته كرئيس وقتها.
بل إننا عندما نعود إلى ما كانت تنشره وسائل الإعلام، قبل عزل مرسى شعبياً، فى 30 يونيو الماضى، فسوف نلاحظ بسهولة أنه كانت هناك مطالبات قوية من جانب قانونيين معتبرين بضبط وإحضار «مرسى»، رغم وجوده فى ذلك الوقت فى الحكم وفى السلطة وعلى الكرسى.
نقول هذا، ونكرر عليه، حتى نؤكد عدة أشياء، أولها أن الأمر، والحال هكذا، أمر قضائى خالص، لا شأن للسياسة، ولا للظروف السياسية الحالية دخل فيه، وثانى الأشياء أن محاكمة الرجل على هذه التهمة لتبرئته أو إدانته كانت ستتم آجلاً أو عاجلاً، خصوصاً أن فيها أبعاداً تتصل بالأمن القومى المصرى فى صميمه.. ولذلك، فإن المروجين للشائعات، فى ظرفنا الحالى، والمضخمين لها يمتنعون وفى كل الأحوال، فإن السماء فيما يبدو قد أرادت أن تسقى «مرسى» من ذات الكأس التى سقى منها «مبارك».. فاللهم لا شماتة فى أحد.