قبل بداية ماراثون رمضان بـ48 ساعة فقط طالبت فى هذه المساحة بنقل فاعليات شهر رمضان إلى شوال، بالتأكيد كنت أمزح رغم أن البعض تعامل مع الفكرة بجدية وبدأت أتلقى استحسانا من الكثيرين، كنت أعرف أن فى عصر الفضائيات هذا مستحيلا، فلا يمكن السيطرة على البث عبر مئات الفضائيات التى تتسابق فى عرض المسلسلات والبرامج، قبل 17 عاما، فى زمن التليفزيون الأرضى كان هذا ممكنا، لأن العمل الفنى كان يعرض على محطتين أو ثلاثة فقط ملكا للدولة وبقرار من وزير الإعلام يتم إلغاء كل شىء، حدث ذلك بالمناسبة فى حرب 73 التى واكبت 10 رمضان، وكانت الإذاعة وقتها لا تزال تشكل عامل جذب ضخم وتعلق الناس بقصة «حياة أم كلثوم» التى ترويها بصوتها بعد الإفطار على موجات «صوت العرب»، ومسلسل عبد الحليم «أرجوك لا تفهمنى بسرعة» فى «الشرق الأوسط»، وأوقفت الحلقات من اليوم العاشر، التليفزيون كان لا يزال أبيض وأسود، دخلنا زمن الألوان فى 76، وكانت تعرض فوازير لثلاثى أضواء المسرح بعد رحيل الضيف أحمد، صارا ثنائيا جورج سيدهم وسمير غانم تم إيقافها لتعرض فى رمضان 74، فى عصر الفضائيات من المستحيل تحقيق ذلك، لأن الدولة لا تملك كل القنوات، كما أن المسلسل والبرنامج لا يوزعان فقط على القنوات المصرية هناك قنوات عربية لها حسابات مختلفة، إلا أننى فوجئت بأن الجميع استجاب هذه المرة لاقتراح إيقاف المسلسلات والبرامج اليوم الجمعة.
أنزل اليوم لأقول «نعم للحرية لا للإرهاب»، من يدافع عن مرسى رئيسا ومن يرى أن ما حدث انقلابا عسكريا ليس هو العدو الذى أترصده طالما يعبر عن رأيه سلميا، لم ولن أنزل من بيتى من أجل قمعه لأن حريته فى التعبير هى الضمان لحريتى، ولكن من يشهر سلاحا ويخرب فى البلد ويوقف مصالح الناس هذا هو الذى نتصدى له، علينا أن لا ننظر للخلاف فى الرأى باعتباره معركة حياة أو موت، لن نقصى من ينحاز إلى مرسى ولكننا فقط نرفض ونواجه من يرفع السلاح، ولن نبارك أو حتى نغض الطرف عن أى عنف يوجه إليهم ولن نفرح بإغلاق قنوات فضائية أو دور صحف لأنها تعارضنا، لا ليس هذا هو الهدف ولا يمكن أن تصبح تلك هى القضية، الاختلاف فى الرأى هو أحد المظاهر الصحية للمجتمع، عاشت مصر تحت حكم الإخوان لمدة عام، وأدرك أغلب أفراد الشعب وبعضهم ممن منحوه صوتهم أن من يربى اللحية ومن يصلى الفجر حاضر لا يكفيه هذا لكى يحكم بلدا مثل مصر، ليس كل الإخوان إرهابيين ولا هم جميعا من دعاة العنف، بعضهم يتبع تعليمات سيد قطب ويعتقد أن الجهاد بالسلاح هو الحل، هؤلاء يواجههم القانون، أما الجماعة فإن على الدولة تقنين أوضاعها، بينما حزب الحرية والعدالة المنبثق عن الجماعة فلقد أثبتت الأحداث الأخيرة أنه فى الحقيقة لم يكن له وجود، مجرد غطاء سياسى للإخوان، لا إقصاء لأى فصيل ولكن تقنين أوضاع لنستطيع بعدها التحرك للأمام.
هناك مخاطر تواجه الأمن القومى المصرى تحتاج إلى تدخل حاسم لكل أجهزة الدولة لإعادة الانضباط، على أن تظل أعيننا يقظة، لأن مكتسبات الحرية التى حصلنا عليها بعد 25 يناير وأكدناها فى 30 يونيو أمانة فى أعناقنا جميعا، فى 25 يناير ثُرنا ضد مبارك وأوقفنا سيناريو التوريث، وفى 30 يونيو ثار أغلب المصريين ضد حكم الإخوان بعد أن أثبتوا فشلا منقطع النظير فى إدارة شؤون البلاد، ليس المقصود إقصاءهم عن الحياة ولكن فقط إبعادهم عن الحكم.
لا تزال قناعتى أن أى ممارسة ضد حرية التعبير لو وفر لها البعض غطاء شعبيا سندفع جميعا الثمن بعدها مضاعفا من حريتنا، أعلم أن البعض يتصور بأنه يمكن أن يطعن مكتسبات ثورة يناير، هذا الشعب الذى ثار ضد فساد مبارك وبعد عامين ونصف العام ثار ضد فساد حكم الإخوان وأسقط رئيسين بإرادته، هذا الشعب يدرك أن الحرية التى انتزعها هى سلاحه الوحيد ولن يفرط فيها، نعم لتفويض الجيش لمكافحة الإرهاب، لا وألف لا لمن يتصور أن التفويض من الممكن أن يصبح تقويضا للحرية.