أعود إلى باقى كوارث وبلاوى دستور عصابة الشر الذى أسقطه الشعب المصرى يوم خروجه العظيم فى الثلاثين من الشهر الماضى، وأعترف بأن ثقل تلك البلاوى وحجمها المهول أغريانى واستدرجانى إلى شرح وإسهاب فاض وطال حتى خرج عن خطة الاختصار والمرور السريع على أبرز وأسوأ المواضع التى تعصف بالحقوق والحريات وتجعل العدوان عليها وسحقها «تكليفا دستوريا».. لقد كانت نيتى أن أنتهى من تلك «الجردة» فى يومين ومساحة سطور زاويتين، فقط، غير أن هذه هى الزاوية الثالثة بينما المهمة التى تطوع العبد لله لإنجازها لم تنته بعد، لهذا أستأذن فى ذكر ما تبقى من مصائب الدستور الساقط، بالصياغات التلغرافية الآتية:
جرى عمدا نشل وتغييب أهم الضمانات التى تكفل حق المصريين فى التمتع بحرية تعبير وصحافة وإعلام حقيقية، ورفعت الجماعة الشريرة وحلفاؤها الظلاميون من بنود دستورهم المسموم حصانات ومكاسب حصلنا عليها وانتزعناها انتزاعا من نحو مئة عام وظلت (منذ دستور 1923) قائمة ومتكررة فى دساتير مصر المتعاقبة، فبعد أن كان إغلاق الصحف أو تعطيلها (لمدد محدودة) أو مصادرة أعدادها من المحظورات الدستورية، صار الباب مفتوحا أمام هذا النوع من الارتكابات والعربدات المشينة التى لا يعرفها أى بلد ديمقراطى فى العالم وتجعل مجرد الكلام عن حريات تعبير وصحافة وإعلام فى ظل وجودها، محض ادعاء كاذب ونصب مفضوح (راجع البند رقم 48).
أبقى دستور الندامة الساقط على النظام العفن الذى ورثته الست الجماعة الفاشية المدحورة من عصر ما قبل ثورة 25 يناير واستخدمته كوسيلة (تشبه مطواة قرن غزال) فى السطو علنًا على الصحف القومية وباقى وسائل الإعلام العامة (تليفزيونا وإذاعة) وتحويلها إلى أبواق لبثّ النفاق وإشاعة الأكاذيب، فقد قاومت هذه الست المجرمة وتوابعها الأشرار لكى لا يتسرب نص دستورى يقرر ويكفل استقلال المنابر الإعلامية المملوكة للشعب «عن كل السلطات وكل الأحزاب والجماعات»، بل جاهد هؤلاء الظلمة جهاد الأبطال لتكريس الوضع المزرى نفسه الذى ترزح تحته مؤسسات الإعلام، واكتفت بإطلاق أسماء دلع جديدة على أسلحة «السطو» الحالية (راجع البنود أرقام 204، 214، 215).
لأول المرة فى تاريخنا وفى تاريخ أمم الدنيا جميعا يتم اختراع نص دستورى (رقم 51) يسمح بإلغاء المنظمات النقابية بمختلف أنواعها وإنهاء كيانها القانونى تماما (!!)
يسمح هذا الدستور الكارثى، بل ربما تكاد صياغته تحض وتشجع على استرقاق البشر واستعبادهم (خصوصا النساء والأطفال) فالحلف الشرير الجاهل الذى فبرك بنوده ومواده أصر على عدم تحريم العبودية وتشغيل القاصرين (فوق سن 11 سنة) وانتهاك إنسانيتهم والسماح باغتصابهم جنسيا تحت غطاء «الزواج».. (راجع بنود عديدة منها البند رقم 68)!!
الملكية الخاصة مصونة ومحمية ومبجلة (المادة 24) أما الملكية العامة فلا سيرة لها إطلاقا فى بنود دستور العار من أوله لآخره، بما يعنى أنها ليست مصونة ولا محمية وإنما مباحة ومستباحة، وفى تبديدها ونهبها فليتنافس المتنافسون.. براحتهم قوى جدا خالص!!