طلعت زكريا يشهر مسدسه فى وجه مقدم البرنامج، وأحمد السعدنى يصر أنه ح يضربه يعنى ح يضربه، بينما هيفاء وهبى تسب الدين، هل صدقتم كل هذه الحركات التى يصفونها ولاد البلد بأنها «نص كم».
كلما اقتنع المشاهد بأن الفنان مضحوك عليه وأنهم بيشتغلوه وأنه ساذج طحن، نجحت الحلقة، المطلوب فقط أن يُظهر للمشاهد «الوش التانى»، الناس تحب أن ترى الفنان فى حالة واقعية يغضب يشتم حتى لو كنا فى رمضان لا يهم، المهم أن يسقط الوجه المثالى الرومانسى الناعم الذى يصدرونه للناس.
هل يتواطأ المتفرج فى تلك اللعبة لكى تزداد سعادته؟ أظنه كذلك إنه يلعب أيضا معهم هم يشتغلونه، والحقيقة أنه هو الذى يشتغلهم، فهو يدرك أنها تمثيلية ولكنه يعيش الدور.
قبل عصر الفضائيات، والحقيقة أن كل نظرة أو تقييم لبرنامج أو مسلسل ينبغى أن تُطل عليه وأنت تضع أمامك هذا المؤثر الذى يشبه فى التاريخ قبل وبعد الميلاد، وهو هل كان هذا البرنامج قبل أم بعد القنوات الفضائية، لأن الناس قبل الانتشار الفضائى كانت تتعاطى بالضرورة مع نفس البرنامج أو المسلسل فى نفس الوقت، الأب الروحى لكل هذه البرامج وأعنى به «الكاميرا الخفية» هو إبراهيم نصر، الذى كان لوحة التنشين لكل المقالات النقدية يناله القسط الوافر منها، ورغم ذلك ينتقل من عام إلى آخر والناس تتذكر كلماته وتنتظر بشغف الإفيه الجديد مثل «يا نجاتى انفخ البلالين» و«عرضها ما تكشكشهاش»، و«نضفى يا بالوظة» و«العقل زينة فى الباترينة»، كان إبراهيم نصر يخرج من عام إلى آخر مكللا بهجوم ضخم من الصحافة ومكللا أيضا بنجاح جماهيرى ساحق، وأظن الذروة كانت مع شخصية «زكية زكريا» وصنعوا له دمية ومسرحية وفيلما، تلك الشخصية التى توحد عليها المشاهدون كانت كلمة توحد تعنى توحد، فلا مجال للخروج إلى أى عمل فنى أو برنامج آخر، الناس كانت تضبط أوقاتها على التليفزيون بكل تفاصيله، هذا وقت فوازير «عمو فؤاد» وتلك فوازير «نيللى»، وهذه «ليالى الحلمية» وبعدها على القناة الثانية «رأفت الهجان»، بينما جرعة الضحك الضخمة مع إبراهيم نصر.
أضاف إبراهيم نصر لبرنامجه فى سنواته الأخيرة سؤالا ردده الناس من بعده نذيع ولا لأ، والغرض هو إضفاء قدر من المصداقية على التسجيل والتأكيد أن الزبون شرب المقلب ودائما الإجابة نذيع طبعا، سوف تقول لى ربما قال آخرون لا، ولم تتم إذاعتها، تعرف منين؟ ح أقولك هناك شروط للتصوير وزاوية كاميرا وإضاءة، كلها تفاصيل تؤكد أن الذى التقاه إبراهيم نصر كان يعرف، أضف إلى ذلك التكلفة التى يتم رصدها فلا يمكن أن تضيع هباء، كما أن وجه إبراهيم مهما استخدم من مكياج صار مألوفا لكل الملايين من رمضان إلى رمضان، ظهر بعد إبراهيم نصر عشرات من البرامج المماثلة كانت كاميرا إبراهيم الخفية هى الزلزال ومن بعده جاءت توابع الزلزال، وصار لدى المشاهد إدمان لمثل هذه البرامج، وكانت الناس تضحك لأنها تقنع نفسها أولا بأنها تصدق، وغادر إبراهيم الساحة بعد أن حدث قدر من التشبع وتوارت كل التنويعات الأخرى.
انتقل المؤشر بعدها من الضحك على المواطن العادى إلى الضحك على المشاهير، أتذكر مثلا أن نشوى مصطفى فى أحد البرامج كانت ترتدى مكياجا باعتبارها مذيعة يابانية، والمطلوب أن تقنع زملاءها أنها يابانية، الناس تعرف أنها نشوى، ولكن زملاءها هم فقط المخدوعون، وكلما أمعن الممثلون فى التصديق أقصد تمثيل التصديق نجح البرنامج وتعددت هذه النوعيات، إلا أن رامز جلال صار هو الأكثر جماهيرية ودائما له فى كل عام مقلب، العام الماضى «رامز قلب الأسد» وهذه المرة «رامز عنخ آمون»، ودائما أبطاله يتكررون وعليهم أن يعيشوا الحالة ليصدق المشاهد.
إنها خدعة كل يوم، الطرف الإيجابى هو المشاهد فهو الذى يريد أن يلعب، هل تتذكرون «بيت الأشباح» فى الملاهى، نحن نخترع حالة الخوف لكى نستمتع، ولو أعملنا العقل لتوقفنا عن المتعة لانتفاء الرعب.
عبيط ولّا بتستعبط؟ هذا هو السؤال الذى من الممكن أن يتبادر للذهن بعد مشاهدة النجم الذى يتقاضى كثيرا لتسجيل البرامج، هو بيستعبط والمتفرج يقنع نفسه أنه عبيط، والنجم لا يهمه عبيط عبيط، المهم «لايمنى ع الأوبيج»!