ليست سرقة إحدى النسخ الأصلية من كتاب وصف مصر هى الجريمة الوحيدة للإخوان فى وزارة التعليم فى ظل حكم محمد مرسى وعشيرته، فلقد سعى الإخوان للحط من قيمة وشأن التعليم المصرى، وتحويله إلى مجرد كتاتيب، تدرس لأولادنا عقد الذمة وأحكامه فى الحياة مع مواطنينا الأقباط، فلا تخرج لنا من يؤمنون بالوطن والوطنية أو يقدرون على إعمال العقل والمنهج العلمى فى قضايا الوطن والناس، وإنما تخرج لنا أجيالا من المتطرفين ممسوحى العقل الصالحين للعمل كجند وخدم للجماعة الإرهابية، يؤمرون بقتل أهلهم وبنى جلدتهم فيسمعون ويطيعون.
ولقد أحسن وزير التعليم الجديد، د.محمود أبو النصر، صنعا حين ألغى بعض قرارات وزير التعليم السابق، ولكن الأمر أبعد من قرار هنا وقرار هناك، وأنا أدعو وزير التعليم بعمل «جردة» كاملة لجميع قرارات وأوامر وزير الإخوان، سواء كانت قرارات فنية أو إدارية أو مالية.
فلا أحد من المهتمين أو الخبراء يفهم فى ما يلغى وزير التعليم امتحان القبول الابتدائى، إذ لا يخفى على أحد تدهور مهارات القراءة والكتابة لدى تلاميذنا مع وجود الامتحان، فما بالنا لو ألغيناه دون أن نحدد له بديلا تعليميا مناسبا، ومن المستفيد من ذلك، خصوصا وقد أعلن عن النية لإلغاء امتحان الشهادة الإعدادية كذلك، وقل مثل ذلك عن تحويل مادة اللغة الفرنسية فى المرحلة الإعدادية إلى مجرد نشاط اختيارى كالموسيقى والألعاب، وحرمان آلاف من معلمى المادة من مكانتهم ومبرر وجودهم، وقل مثل ذلك على فتح أبواب مدارس الوطن أمام حزب الحرية والعدالة، عبر بروتوكول مشبوه يسمح لهم بتجنيد الأنصار وإثارة الفرقة بين أبناء الوطن.
أما إذا انتقلنا إلى قراراته الإدارية فلا شك أن كثيرا منها يدخل تحت بند المخالفات التى ينبغى الذهاب بها إلى النيابة الإدارية، إذ كيف تملأ تلك القرارات الوزارة بمستشارين من الإخوان معظمهم بلا كفاءة ولا سابق خبرة، وليقل لى أحد عن جهود مستشار التطوير عدلى القزاز على مدى عام كامل، وليس أقل جرما أن يعترف الوزير بنفسه أنهم إملاءات مكتب الإرشاد التى لا يستطيع لها دفعا، ومما يدخل فى باب الجرائم الإدارية أيضا أن يكون بعض هؤلاء المستشارين ممن يملكون مدارس خاصة، فيقعون تحت طائلة الجريمة القانونية التى تحتم عدم تضارب المصالح بين تعليم خاص بمصروفات وتعليم حكومى مجانى، فيمن يتولى مناصب فى المدارس الحكومية.
وبالطبع فى ضوء ممارسات الإخوان المالية فى كل الوزارات فأنا أرجو أيضا مراجعة جميع ما حصل عليه الوزير ومستشاروه من مكافآت وأموال.
أما إذا انتقلنا إلى المعاهد القومية فالمخالفات بالجملة، منها تعيين رئيس مجلس إدارة تلك المدارس ممن بلغ سن المعاش والقانون يشترط أن يكون من العاملين، ومنها ما يعرفه موظفو الإداره العامة للمعاهد القومية بتقاضى بعض أعضاء مجلس إدارة الجمعية من الإخوان مكافآت كبيرة، مع مخالفة ذلك للقانون، ومنها إلغاء التعاقد مع مراجع حسابات يتقاضى نظير إعداد الحساب الختامى مبلغ «سبعة عشر ألف جنيه» سنويا، واستبدال التعاقد مع مكتب محاسبة يملكه الإخوان وأحد أعضاء مجلس الإدارة الإخوانى شريك فيه فى نفس الوقت به، نظير أتعاب بلغت «مائة ألف جنيه» تقاضى المكتب نصفها مقدما... أى استباحة ونهب منظم لأموال الطلاب، وفى سبيل التمكين للجماعة فقد حل ذلك المجلس المشبوه بعض مجالس إدارة المدارس القومية، أعادت المحكمة تلك المجالس، وأنا أعرف كيف يستطيع أولياء أمور طلاب المدارس القومية ومنهم أساتذة وصحفيون وقضاه وضباط، الدفاع عن مصالحهم وأموالهم.
وآت أخيرا إلى موضوع إحدى النسخ الأصلية من كتاب وصف مصر، فلقد أخذها رئيس مجلس إدارة المعاهد من إحدى مدارس الليسيه بحجة حمايته من ظروف الحريق والانفلات الأمنى، ولما قمت بإثارة الموضوع فى إحدى البرامج التليفزيونية، علق رئيس المجلس بأن الكتاب موجود فى ديوان الوزارة، وهو أمر لا يمكن قبوله، فديوان الوزارة ليس مستودعا للكتب التى لا تقدر بثمن.
معالى الوزير نحن ننتظر منك أحد أمرين، إما الإعلان عن وجود الكتاب النفيس وعرضه للصحفيين، ثم إعادته إلى مدرسته الأصلية أو متحف التعليم أو دار الكتب القومية، وإما تحويل الأمر برمته إلى النيابة، أداء للأمانة وصونا للثروة القومية.