فى صالة الشهر العقارى ارتفع صوت امرأة شعبية جميلة ترقع بالصوت الحيّانى، وتمسك بيدها بتلابيب رجل مذعور هزيل، وتهزه بشدة لتجعل جسده يلُق بداخل جاكتة واسعة يرتديها، يبدو من مقاسها أنها لا تخصه، بينما ترفع بيدها الأخرى فردة شبشبها المزركش عالية مهددة بأن تهوى بها على صدغه غير الحليق. قالت المرأة فى ما قالت: توكيلى وأنا حرة فيه، ألغيه وقت ما أعوز ألغيه، يا كداب يا نصاب يا ضلالى يا قليل الذمة والدين! ارتعش الرجل رافعا يده التى تمسك بالمسبحة، وهو يحتمى خلف سيدة أخرى جهمة عجفاء زائغة النظرات، تحمل سنجة تهدد بها الجميع، بينما كان يحاول بصوته المرتعش أن يوهم الآخرين بأن تلك السيدة العجفاء هى صاحبة التوكيل محل النزاع!
محمد مرسى فى حقيقة الأمر كان يشبه محاميا ريفيا منحته سيدة ثرية توكيلا عاما لإدارة أملاكها، ينتهى تلقائيا بعد أربعة أعوام، ويقبل التجديد لأربعة أعوام أخرى بموافقتها. لكن تلك السيدة استشعرت بعد مرور عام واحد فقط أنه يسىء استخدام توكيلها الممنوح له، بما يعد تفريطا فى ما استأمنته عليه، فقررت إلغاء هذا التوكيل قبل أن يبدأ فى اتخاذ خطوات أخرى تؤدى إلى ضياع أملاكها وكرامتها إلى غير رجعة.
السؤال الآن: هل يحق لهذا المحامى المتلاعب أن يماطل فى إلغاء ذلك التوكيل؟ بالطبع لا يحق له. هناك تلخيص آخر رائع لمشكلة حكم مرسى الفاشل يمكن إيجازها فى صورة فنية خفيفة الظل تقول: نفترض أنك اخترت من على رف البقالة علبة تونة مكتوبا عليها صالحة للاستهلاك حتى يونيو 2016، واشتريتها بمحض إرادتك، ثم فتحتها فى بيتك لتفاجأ برائحة عفنة كريهة تنبعث منها. هل هناك قوة على سطح الأرض تلزمك بأن تأكلها وتموت مصابا بالتسمم، أو تمرض على أقل تقدير؟ أم أن المنطقى هو أن تلقى بها إلى أقرب صفيحة قمامة غير مأسوف عليها؟ مرسى أيها السادة خرج على الشرعية المشروطة الممنوحة له، بعد أن انتخبه الناس، بتصرفاته وقراراته التى لا يمكن أن تؤخذ بحسن نية بأى حال من الأحوال، وأخطرها على سبيل المثال:
1- تهديده للأمن القومى بمشروع الصكوك التى يمكنها فى غضون سنوات قليلة أن تعزل قناة السويس ومدنها فى إقليم مستقل يقع فى يد الدائنين الأجانب الذين يملكون حق إدارتها بمعزل عن قوانين الدولة المصرية حسبما ورد فى التفاصيل القانونية المنشورة والمتداولة عن ذلك المشروع المخزى الذى تبناه هو وجماعته. راجع التفاصيل المخجلة التى كتبها الصديق الباحث الاقتصادى القدير أحمد السيد النجار بهذا الخصوص.
2- انهيار دولة القانون الذى تم على يده بدءا من إعلانه غير الدستورى، ومرورا بحصار أنصاره للمحاكم لتعطيل إصدارها لأحكام وقرارات ليست على هواهم، وانتهاء بتعيينه لنائب خاص لجماعته فى موقع النائب العام، وما ترتب على وجوده من مهازل، كان أكثرها وقاحة وبشاعة محاولة إلصاق التهم بالمجنى عليهم من المتظاهرين الأبرياء فى موقعة الاتحادية، الشهيرة بموقعة «جبنة نستو يا معفنين»، التى قام فيها أنصاره بتعذيب خصومهم على أسوار، وخلف بوابات قصر الرئاسة بمباركته، وإذاعته بعدها لخطاب يضرب حقوق الإنسان فى مقتل بتدخله السافر فى عمل النيابة العامة قبل انتهاء تحقيقاتها.
3- الأداء البالغ السوء الذى قام به خلال إدارته المخجلة لأزمة سد النهضة الإثيوبى، واستخفافه الرهيب بالآثار الكارثية التى يمكن أن تنجم عن رعونته فى إدارة أزمة مصيرية كتلك، واجتماعاته السرية، المذاعة على الهواء، التى أدت إلى تفاقمها! راجع أقواله التافهة عن أن المياه ستزيد بدون توضيح أية أسباب مقنعة تشير إلى مجرد احتمال عدم نقصانها!
4- عدم وجود رؤية على الإطلاق لحل مشكلات مصر الاقتصادية، غير التورط فى قروض لا يتم إدراجها فى أية خطة إنتاجية، ليتضاعف حجم الدين الخارجى المصرى تقريبا خلال عام واحد فقط من حكمه هو وجماعته، التى ادعت كذبا أن مشروع نهضتها الوهمى سيصب 200 مليار دولار كاستثمارات فى أسواقنا بمجرد وصوله إلى الحكم!
هذا فضلا عن حالة الاستقطاب الرهيبة التى خلقها بين المصريين، والتراجع الدائم عن الوعود، والكذب بلا ذرة من خجل، وارتمائه فى أحضان أمريكا وإسرائيل بطريقة مخزية تفرط فى ثوابتنا الوطنية، وتخدش سيادتنا على أراضينا، أكدها دفاعهما (أمريكا وإسرائيل) عن بقائه الذى يخدم مصالحهما بطريقة تدعو إلى الاشمئزاز. أضف إلى ذلك تحالفه مع الجماعات التكفيرية التى قتلت، وتقتل جنودنا فى سيناء، ومنح العفو الرئاسى للقتلة والإرهابيين وتجار المخدرات وتحويله سيناء إلى مرتع للإرهابيين ينذر باحتمال كبير لاستخدامها مستقبلا كوطن بديل للفلسطينيين. حتى وصل الأمر بنظامه إلى التورط فى التخابر والاستقواء بقوات دولة أجنبية، ومحاولة عصام الحداد مساعده للشؤون الخارجية استدعاء الأسطول الأمريكى لتهديد جيشنا ليتراجع عن انحيازه للإرادة الشعبية! ناهيك بتيقن محكمة مستأنف الإسماعيلية من استخدام مرسى لعناصر مسلحة من حماس لمساعدته فى الهرب من سجن وادى النطرون، الذى كان محتجزا به وقت ثورة يناير كمتهم على ذمة قضية تخابر مع دولة أجنبية! أبَعد كل هذه البلاوى المتلتلة نستكثر على هذه السيدة الغلبانة أن ينتصر لها مدير الشهر العقارى، بعد أن أفاقت على كارثة وقوعها ضحية لخدعة كبرى، وأن يقوم بإلغاء توكيلها لذلك المحام الضلالى بلا مصلحة يرتجيها لنفسه؟ نصرتكم لذلك المحامى الضلالى عار على من يمتلك ذرة من الوطنية.