أساس إصدار أى قرار من مستوى رئاسى هو تعبيرعن الأمن القومى للبلاد، لذلك لابد أن نتفق جميعاً على مفهوم الأمن القومى ومحدداته سواء فى الجغرافيا أو التاريخ، مما يحدد الأصدقاء والأعداء، كما يحدد دوائر الهوية، ويرسم خطوط السياسة الخارجية للدولة وانطلاقاً من المصالح العليا للبلاد التى يحددها بوضوح مفهوم الأمن القومى، لذلك لابد من مراجعة قرار خطير أضر بمصلحة البلاد، وكان ذلك واضحاً فى عام حكم الرئيس المعزول محمد مرسى، هذا القرار هو قطع العلاقات مع سوريا وسحب السفير المصرى وطرد السفير السورى من مصر، ويعلم الجميع أن هذا القرار الكارثى قد اتخذه تنظيم الإخوان الدولى وقام بتنفيذه ممثلهم فى حكم مصر دون أى مشاورات مع أى من مؤسسات الدولة المصرية ولا اى تشاور مع القوات المسلحة، التى حاول مرسى بكل جهد أن يورطها فى تبعات هذا القرار، ويعلم الجميع الآن أن ما يجرى على أرض سوريا من صراع ليس من أجل الديمقراطية كما يدعى البعض ويروج البعض الآخر،
ورغم احترامنا وتفهمنا واعترافنا بأشواق الشعب السورى للديمقراطية وتداول السلطة، إلا أن وقائع الصراع تكشف رغبة فى تغيير خريطة الأدوار فى إقليم الشرق الأوسط لصالح الكيان الصهيونى وتركيا ولن يكون ذلك إلا بتقسيم الشام ومحو نهج المقاومة والممانعة والعمل بكل السبل لإضعاف الدور الإيرانى المقاوم لنهج التسوية والتبعية للسياسة الأمريكية، ولذلك عندما قرر مرسى تنفيذ قرار التنظيم الدولى كان ذلك تعبيراً عن مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وتنفيذاً لاستراتيجيتها بشأن شرق أوسط كبير يحقق مصالحها ومصالح «إسرائيل»، وكذلك مصلحة عضو حلف الناتو تركيا الطموحة للعب دور محورى فى هذا الشرق الأوسط الجديد، ولها من التاريخ والتجربة وعضوية الأطلسى ما يؤهلها للعب هذا الدور.
بعد كل ذلك لابد من مراجعة سريعة لهذا القرار الذى أصاب أمن مصر القومى فى مقتل، فسوريا بالنسبة لمصر هى الإقليم الجنوبى فى الجمهورية العربية المتحدة وهى إطلالة مصر على آسيا، حيث الفعل التاريخى لمصر من قدم الزمان وهى شريكة حرب أكتوبر المجيدة، وأخيراً هى بصمودها فى وجه مؤامرة التقسيم والفتنة بين سنة وشيعة استطاعت أن تغذى مصر ثورة 30 يونيو 2013، أى الموجة الثانية لثورة يناير بكل سبل الصمود فى مواجهة حكم الإخوان المشاركين والمتآمرين على سوريا والمتحالفين مع الغرب الاستعمارى بقيادة أمريكا و«إسرائيل» وتركيا وكذلك قطر القاعدة الأمريكية بالمنطقة.
ومن هنا مصلحة الأمن القومى المصرى تستوجب عودة العلاقات مع سوريا العربية إيماناً بصحة موقفنا فى دعم الشعب السورى فى أشواقه من أجل التغيير والديمقراطية وفهمنا كذلك للمؤامرة التى تحاك ضد سوريا.
لذلك يجب اتخاذ قرار فورى يعيد العلاقات مع الإقليم الشمالى ويحقق مصلحة الأمن القومى المصرى، ويصحح قراراً خاطئاً أوقع ضرراً بليغاً بمصر العربية ومصالحها، لذا وجب من الرئاسة المؤقتة والخارجية المصرية بالتشاور مع القوات المسلحة المصرية اتخاذ قرار سريع بعودة العلاقات الطبيعية بين مصر وسوريا.