قد يكون سبب الأزمة التى عاشتها البلاد بعد ثورة 25 يناير حالة خريطة الطريق التى تم اعتمادها وكانت تقوم على «الانتخابات أولًا».
ولم يستمع الذين يديرون شؤون البلاد وقتها من جنرالات المعاشات بصوت العقل والضمير بأن يكون الدستور أولًا.. واستقووا بتيار الإسلام السياسى الذى خرج من القمقم.. ووجد نفسه بفضل الثورة وبالخروج على الحاكم -الذى كان يحرمه- يتحدث فى السياسة.. فمزجها بالدين وبدأ عملية التجارة بالدين.. وتحالف جنرالات المعاشات مع الإخوان والتيارات الإسلامية لتمرير ترقيعات دستورية.. وكانت المصيبة الكبرى التى أضاعت البلاد فى استفتاء 19 مارس وكله بفضل الجنرال الدكتور الضليع فى القواعد القانونية.
وهنا ظهر سطو الإخوان على الثورة والمشاركة فى القرار مع المجلس العسكرى فكانت الحياة السياسية قائمة على باطل.
وجرت الانتخابات أولًا وبقانون باطل أبطلته المحكمة الدستورية فى ما بعد.. ومن ثم ناصبت جماعة الإخوان والمتحالفين معهم العداء للمحكمة الدستورية.
وأصرُّوا على الاستمرار فى البطلان.
وكان مجلس الشورى باطلًا.
وكانت اللجنة التأسيسية التى شكّلها الإخوان من رجالهم وخلاياهم النائمة والانتهازيين وطالبى المكافآت وخدام أى نظام باطل.
ومع هذا أصروا على الاستمرار فى البطلان.
ومن ثم كان منتج الدستور «طائفيًّا» يعمل لصالح مجموعة لا لصالح الشعب.. ولم تتوافق عليه القوى السياسية والمجتمعية على الرغم من التزوير فى الاستفتاء عليه.
وقبل ذلك أصدر محمد مرسى الإعلان الدستورى الديكتاتورى الذى كان نذير شؤم له ولجماعته.. فمن يومها لم تسكت الناس عن طلب إسقاط محمد مرسى وجماعته بعد أن تم كشفهم وفضحهم وعملهم لصالح الأهل والعشيرة لا من أجل الشعب.
فلم تتعامل جماعة الإخوان المسلمين بعد أن سطت على الحكم على أنها جماعة وطنية.. بل كانت تنظر باحتقار إلى القوى الوطنية.
وكانت قياداتها تحتقر الوطنية والدولة المصرية ولم يراعوا حقوق الشعب الذى خرج فى ثورته وانتزع حريته وطالب بدستور ينقل البلاد إلى مصافّ العالَم المتقدم.
لكن الإخوان ومندوبهم محمد مرسى كانوا يصرون على شد البلاد إلى الخلف.. وهدم الدولة وإهدار كرامة الجميع.
واستعانت الجماعة بأفاقين وانتهازيين وتجار دين مثلهم ورجال أعمال انتهازيين و«هباشين» وتجار خردة وهاربين من تسديد الديون ومحامين أصحاب صفقات وعمولات وبينهم أطفال معجزة فضلًا عن إعلاميين وكتاب أعمدة خدامين.
كل ذلك من أجل الاحتيال على الشعب وترويج سياسات الكراهية.
والآن استقلّت الدولة عن احتلال الإخوان ومنافقيهم.. ثم كانت العودة إلى «الدستور أولا» فى خريطة الطريق للخروج من أزمة العام التى وضعها الإخوان فى طريق خروج البلاد من أزمة المرحلة الانتقالية الفاشلة.
ومن هنا لا بد من لجنة العشرة التى تجتمع الآن لوضع الدستور أن تعمل على أن هذا الدستور هو أمل الأمة فى نقلها إلى الدول الديمقراطية المدنية الحديثة.
لا بد من استعادة كرامة المصريين فى دستورهم. ولا بد من تأكيد الحرية بما فى ذلك حرية الاعتقاد.
ودعونا من الأحزاب الدينية التى أفسدت الحياة السياسية خلال الفترة الماضية.. وقد أخرجت لنا نماذج هزلية أساءت إلى الشعب المصرى. فالشعب يريد دستوره المدنى الديمقراطى.
ولعل هنا تجارب لدول عديدة أصبحت محترمة ومتقدمة يمكن الاستفادة منها وكانت تعانى كثيرًا من أنظمة ديكتاتورية وفاشية.. وحرصت تلك الدول على حق شعوبها فى الحرية.. فأصبحت دولًا عظيمة.
فالدستور سيكون النواة التى ستنقل البلاد إلى ما يستحقه الشعب المصرى من حرية وتقدم.