فى دراما رمضان كان مرسى وزمنه هو الهدف، وأطل مبارك وصورته على استحياء. فى رمضان القادم سوف يصعد مبارك للذروة الدرامية وسيخفت حضور الإخوان لتشتعل المعركة بين من يريدون إجهاض ثورة 25 يناير ومن يدافعون عن النقاء الثورى.
شاهدنا أعمالا عديدة دراميا وبرامجيا تنتقد الإخوان، ولا بأس بين الحين والآخر أن تصطدم بمرسى إلا أن المسلسلات باستثناء «نظرية الجوافة» لم تسخر منه مباشرة هاجمت وفضحت الادعاء الدينى وبعضها هتف «يسقط حكم المرشد»، وقبل أن يبدأ الماراثون الرمضانى كان الواقع قد تغير، ومن كان يقطن فى قصر الاتحادية أصبح يعيش فى خيمة داخل ميدان «رابعة العدوية».
البرامج كانت فرصتها أكبر بالطبع فى الكشف والانتقاد والسخرية فلا سقف يحدها، الكل يعلم أن الدراما رصدت عاما من حياة الإخوان ومرسى وأهله وعشيرته وهم فى الحكم ولم يسمحوا بذلك، لأنهم مؤمنون بالحرية ولكن لتلاشى قدرتهم على المنع والمصادرة.
البعض يسأل هل هناك كاتب درامى انتقد مبارك؟. نعم لم يجرؤ أى منهم على هذا الفعل، لا تصدق أيا من هؤلاء وهم يتشدقون الآن بكلمات «حنجورية» أغلبهم كانوا ينافقونه، وكان فى الطريق أكثر من عمل فنى يمهد المجتمع لتقبل التوريث مثل سيناريو «ابن الرئيس» أحالته الرقابة فى 2010 للأمن القومى لأخذ الموافقة وكان أيضا طلعت زكريا يعد فيلم «حارس الرئيس» روى قصته لحسنى مبارك فى اللقاء الذى امتد بينهما أكثر من ساعتين قبل أربعة أشهر من خلعه، كان طلعت يواصل كعادته نفاقه للرئيس بعد «طباخ الرئيس». انتقاد زمن مبارك تجده فى مسلسلات مثل «ربيع الغضب» الذى ينتهى بالثورة، ومن المؤكد أن مسلسل «ذات» الذى يروى تاريخ مصر حتى ثورة اللوتس يتعرض لثلاثين عاما من زمن مبارك سوف يفضح فساد الحقبة المباركية، مثلا وحيد حامد فى مسلسله «بدون ذكر أسماء» والأحداث تبدأ فى منتصف الثمانينيات وصف مبارك على لسان أحمد الفيشاوى بأنه «لافاش كيرى» وهو السخرية المصرية التى ارتبطت به فور توليه الحكم. المسلسلات «المباركية» التى تترحم على زمنه لم تتوفر بعد، ولكنها فى ما يبدو قادمة، وليست صدفة أن نرى صورته فى أكثر من مرة فى حلقات «العراف» اختيارها فى التترات أيضا مقصود، وهو ما تكرر فى «الوالدة باشا»، لو كان الحكم الإخوانى مستقرا أو فى الحد الأدنى يلبى الحدود الدنيا لرغبات الناس ويسمح بالتقاط الأنفاس لرأيت الدراما وهى تفضح بقوة زمن مبارك، الخوف على المستقبل فى زمن الإخوان هو الذى دفعهم لغض الطرف عن تعرية مبارك بكل فساده وإفساده. ورغم ذلك فلا أحد يستطيع أن ينكر أن مبارك أراد أن يورث الدكان لابنه وأن الفساد كان هو عنوان الدولة، وأن ثورة 25 يناير أنقذت مصر من المجهول.
الدراما فى البداية توجهت لفتح ملفات الفساد للعائلة والحاشية المباركية، مثلا مسلسل «المزرعة» كان واحدا من أكثرها إثارة للجدل ومن أجله تم تغيير الرقيب الرافض للسيناريو وجاؤوا برقيب آخر صرح بالسيناريو.. بعد كل هذه المعارك الضارية يتم وقف كل شىء. أعتقد أن هذا المسلسل لن يرى النور فلن يقدم عملاً فنياً ينتقد مبارك مباشرة على الأقل فى الفترة القادمة، المزاج النفسى للجمهور كان غاضبا وكارها إلا أنه بعد فشل الإخوان صاروا هم قضيته المحورية، نحن نعيش الآن فى المنطقة الرمادية أظن أن الكتاب سوف ينتظرون ما الذى يفرزه الزمن القادم، لأننا نطل دائما على الماضى من شباك الحاضر، أخشى أن الموجة القادمة للدراما تمهد لأعمال فنية لتبييض زمن مبارك بعد أن عبّدت الطريق لها العديد من البرامج الحوارية.
***
لم نعد نتحمل الاختلاف، من يطالب بالمصالحة الوطنية يعتبرونه من الخلايا النائمة للإخوان، ومن يطالب بتوقيع أشد العقوبات وفض الاعتصام الإخوانى بالقوة فهو من الخلايا النائمة للمباركيين، ومن يصمت فهو فى نظر الطرفين خائن للقضية، الكل صار ينتظر من الكل التطابق التام فى الرأى والرؤية وإلا صار عدوا مبينا. يقول السيد المسيح عليه السلام «قبل أن ترى القذى فى عين جارك انظر إلى الخشبة فى عينك»، كم واحدا منا رأى الخشبة فى عينه؟!