بينكم من يعشق «كاريوكى». فيكم من يفضل «عمرو دياب». أنا من جيل أحب شادية. أغنيتها «عبرنا الهزيمة» وضعت بعض فلسفتى فى الحياة. قال عبدالرحيم منصور على لسانها: «باسمك يا بلادى تشتد العزيمة». ليست مجرد أغنية وطنية. غناء للحرية كما هو غناء للشجاعة. للنضال وللآمال. تأكيد على إمكانية تخطى المحال. معنى «عبور الهزيمة» حفر فى عقول وقلوب أجيال.
لا توجد هزيمة أشهر من ١٩٦٧. المصريون هزموا كثيرا فى التاريخ. بعد كل هزيمة كانوا ينتصرون. يذكرون الآن جيدا هزيمة يونيو. ربما لأنها لم تكن حرباً عادية. الهزائم درجات. وأنواع. هزائم عسكرية. هزائم فى معارك. هزائم حضارية. ١٩٦٧ كانت هزيمة حضارية. حلم انهار. ثقافة سقطت. جيل اندحر. زعيم وقف الشعب خلفه انكسر. تؤيده أو ترفضه. كان عبدالناصر زعيماً. أنا أرفض كثيراً مما قام به. هزيمته كانت عنوان هزيمة بلد. لا شخص. ليس مجرد رئيس انتكس.
١٩٧٣ ليس مجرد نصر. استعادة مكانة حضارية. الأغنية تقول: عبرنا الهزيمة. ليس عبور قناة السويس. ليس دحر إسرائيل. ليس مجرد نصر عسكرى. انتصار نفسى. إعادة بناء ذات. جيش حقق مجداً. عنوان تدوير شخصية أمة. استدعاء قدراتها. نفض الأتربة عنها. ضخ الأمل. تجاوز الإحباط. غير المصريون ما بأنفسهم. تجلدوا. تسلحوا بالعلم. عادوا إلى أرض الواقع. لم ينسوا الحلم. انتصروا. عبروا الهزيمة.
مصريون كثر يتحدثون عن أن ٣٠ يونيو عبور هزيمة. أقبل هذا المعنى. لا أوافق على أنه كانت هناك نكسة. كانت أزمة. أزمة كبرى. غير مسبوقة. البلد كادت تفقد ذاتها. شعرت بالإهانة. عدوان على شخصيتها. لها قيمة أكبر. كتبت هنا خاطرة منذ فترة. قلت إن المصريين يفتقدون مصر. كان محمد مرسى هزيمة. كان الإخوان عدواناً. مصريون اعتدوا على مصر. لأن مشروعهم لم يقنع المصريين بمصريته. لم يحاول. فى حقيقة الأمر هو ليس مشروعاً مصرياً. ٢٠١٣ استعادة جديدة للذات. مثل استعادة ما ضاع فى ١٩٧٣.
قال المصريون إنهم تنفسوا هواءً جديداً. سمعت هذا يوم ١ يوليو. سمعته أكثر بعد يوم ٣ يوليو. كثيرون قالوا هذا. اعتقدوا أن دنيا جديدة بدأت. عمر جديد مُنح لهم. كيف تمكن الرئيس السابق مرسى من ذلك فى عام؟ أشعرهم بكتم الأنفاس فى ٥٢ أسبوعاً. لم يكن وحده الذى فعل. جماعته أدت إلى ذلك. يحتاج الإخوان أن يعودوا للمجتمع. لن تفعل ذلك نداءات المصالحة. الإخوان هم المعنيون بذلك. دورهم قبل غيرهم.