أن يتزامن شريط الصوت مع شريط الصورة فى فيلم السينما.. ذلك هو ما نطلق عليه لفظة «تسنيكة».. وكون الصوت مش «متَسِنك» مع الصورة.. فهذا كفيل جداً بإفساد متعة متابعة الفيلم.. ورونق تتابع الصراع الدرامى فيه.. والآن.. هل يمكنكم إلقاء نظرة سريعة على حياتكم.. للتأكد من مدى تسنيك الصوت مع الصورة !
فعندما تسوقكم الحياة إلى «زُحليِقَة» الإكتئاب.. سوف تضبطون أنفسكم متلبسين بتأجيل أشياء كثيرة.. إعتماداً على أنه «فيه حاجات كتير فى الحياة بايظة.. وما جاتش على الحاجة اللى المفروض أعملها دلوقت.. مش هى دى اللى حتظبط الحاجات البايظة الكتير دى كلها».. وبالتالى.. ومع الوقت.. سوف تفاجأ بأن الأشياء اللى كان المفروض تتعمل فى أوقات معينة قد تراكمت فوق بعضها البعض بشكل مفزع.. وتلعبكت خيوطها فى بعضها البعض بشكل يصعب معه تسليكها.. عندها.. سوف تجد نفسك مضطراً لاتخاذ قرار حاسم وجذرى بالبدء الفورى فى تصحيح الأوضاع.. والانتهاء من كل تلك التراكمات والتأجيلات التى وجدت فى الاكتئاب أرضية خصبة لها لكى تنمو وتزداد وتتراكم.. حتى أصبح مجرد التفكير فى حلها.. عبئاً فى حد ذاته.. سوف تقوم مع الوقت بتأجيله هو الآخر.. إذن.. ما هو الحل؟!
لكى نصل إلى الحل.. ينبغى علينا التفكير فى خطين متوازيين.. الأول.. التفكير فى التراكمات الخارجية.. أما الآخر فهو.. التفكير فى التراكمات الداخلية.. ولكن الحقيقة التى سوف نكتشفها بعد تقسيم التراكمات إلى خارجية وداخلية أنهما ليسا بمعزل عن بعضهما البعض.. أسمع الآن بعضكم يقول.. «يا نهار اسود.. هو انت كل ما تيجى تكحلها تعميها أكتر»؟!.. ولهؤلاء أقول.. لا والله يا جماعة.. الموضوع اللى باتكلم فيه هو اللى ملعبك لوحده.. وربما كانت تلك اللعبكة التى تشعرون بها الآن هى أصدق وصف لحالة عدم التسنيك التى أتحدث عنها..
المهم.. كيف نزيل الأتربة عن تلك التراكمات.. وكيف ننظف حياتنا من غبار التنفيض الذى نفضناه للدنيا؟.. دعونى أعود للنقطة التى قسمنا فيها التراكمات إلى داخلية وخارجية.. خارجية مثل التأجيل المستمر لتنظيف وترتيب الصومعة الخاصة التى تقطنونها.. حيث تبدأون فى ملاحظة الأتربة وهى تحتل الأسطح المختلفة.. فتقولون لأنفسكم.. «بكره أبقى فى مود أحلى.. وأنضف المكان كله».. تستيقظون فى صبيحة اليوم التالى فى نفس المكان لتجدوا الأتربة قد ازدادت بعد أن انضمت إلى ذرات الغبار الموجودة بالفعل ذرات غبار أخرى.. تنظرون إلى الأتربة.. والأوراق المبهدلة والجرائد الملقاة فى كل حتة والهدوم التى تحتاج أياماً لغسيلها والمطبخ الذى لم يعد فيه شيئاً نظيفاً.. تنظرون إلى كل هذا.. وتتذكرون الجملة التى قلتموها قبل الذهاب للنوم.. «بكره أبقى فى مود أحلى».. طبعاً الوضع الذى أكلمكم عنه غير قادر على خلق أى مود حلو من أى نوع.. وأستطيع أن أبشركم من الآن.. بأنكم سوف تستيقظون فى اليوم التالى مودكم زى الزفت.. وسوف تعتبرون هذا المود اللى زى الزفت سبباً مقنعاً جداً لعدم تنظيف أى شيء من كل تلك الأشياء المتربة وغير المرتبة.. وطبعاً أنا لا أحتاج لأن أخبركم بأن هذا المود اللى زى الزفت.. وهذا اللوكاشن غير المنظم المحيط بكم.. سوف ينعكس على طاقتكم الإيجابية ليقلصها لصالح الطاقة السلبية.. فتمتد حملة التأجيلات إلى التراكمات الداخلية.. بمعنى أن ما هو مفترض إنجازه اليوم من أعمال سوف يتم تأجيله هو الآخر.. على أساس أنك أساساً قمت بتأجيل كل ما يخص ترتيب وتنظيف وتنظيم المكان الذى تعيش فيه.. إذن.. فلأنتهى من تلك التراكمات الخارجية أولاً.. ثم أجلس فى المكان بعد تنظيفه وترتيبه.. حتى يمكننى ترتيب الأفكار فى عقلى.. وتنظيفه من التشوشات التى تعتريه.. وتجعل الأفكار بداخله مبهمة وغير واضحة!
طبعاً بعد كل تلك التراكمات والتأجيلات الخارجية «فيما يخص صومعتك وأوراقك وأشياءك».. والداخلية «فيما يخص عقلك ودماغك وأفكارك» سوف تخرج من المنزل مؤرقاً بشعورك الرهيب الذنب فى حق نفسك ووقتك المحدد تبعاً للمدة التى منحها الله لك لآداء تجربتك الحياتية.. تلك التجربة التى تقاعست عن آدائها إستناداً إلى مجموعة من الأعذار الوهمية المتصلة التى لا تنتهى.. وبالتالى ومع ازدياد شعورك بالذنب وتأنيب الضمير... سوف يزداد شعورك بالاكتئاب والضيق والخنقة.. وهو ما سوف تعتبره سبباً وجيهاً فى حد ذاته.. لتأجيل أى شىء ينبغى عليك فعله على أساس.. «كل حاجة خربانة.. لما تتظبَّط.. مودى ومزاجى حيتظبطوا»!
هل رأيتم كل تلك اللعبكة.. هل رأيتم كل تلك الأسباب المنفصلة المتصلة والتى سوف تدور بكم فى دوائر لا تنتهى.. تجاه مصير مقبض ومخيف يتمثل فى فشلكم فى نتيجة اختبار الحياة النهائى.. لتصبحوا أشبه بفيلم متخرباً.. شريط الصوت بتاعه مش متسنك مع شريط الصورة!
حل نهائى.. قوموا حالاً.. شوفوا إيه المتأجل فى الحياة.. أياً كان نوعه.. وإنجزوه فوراً.. لا تنتظروا حدوث شىء.. حتى تنجزوا شىء آخر.. ولا تربطوا الأشياء ببعضها البعض.. وتذكروا.. تجربة الحياة ليس فيها مكان للضعفاء.. ليس فيها مكان سوى للأقوياء.. الأقوياء فقط!