بنى وطنى.. أهلى وعشيرتى:
مضى العام الأول من فترة ولايتى الرئاسية، حاولت خلاله وبكل ما أملك من تصميم وعزيمة أن أكون عند حسن ظنكم بى، وأشهد الله أننى لم أدخر جهداً، كما أننى لم أضن سعياً لتحقيق ما كنت قد عاهدت الله وعاهدتكم على تحقيقه، نهوضاً بالوطن ورقياً بمواطنيه، ولكن ظروفاً كثيرة - لعل الكثير منها لا يخفى عليكم - قد حالت دون الوصول إلى مبتغانا، ودعونى أقر أمامكم معترفاً بتحمل نصيبى من المسؤولية عن الإخفاق الذى لحق بمساعينا المخلصة لتحقيق أهدافنا الوطنية.
لقد حاولت - أيها الإخوة - أن أكون رئيساً لكل المصريين كما كانت تقضى واجباتى الدستورية والأخلاقية، ولكن فريقاً منكم رفض منذ اليوم الأول أن أكون صاحب هذا الشرف فلم يعترف بى رئيساً، وهو ما جعل الفريق الآخر يسعى للاستئثار بى باعتباره القوة الوحيدة الداعمة للرئيس وشرعيته.
أيها الإخوة، هكذا وجدت نفسى مدفوعاً بطلب الحماية من هذه القوى الداعمة، كما وجدت نفسى مجبراً على الاعتماد عليها، وطلب المساعدة منها وحدها لتحقيق وعودى لكم، ولكن شاء القدر أن تكون تلك القوى عاجزة - ربما بحكم القصور وليس التقصير - عن تقديم العون والمساعدة على النحو وبالقدر المطلوب، وهكذا وجدت نفسى بين فريقين، أحدهما مؤيد، ولكنه عاجز، والآخر قادر، ولكنه رافض وكاره.
إننى - أيها الإخوة - لا أسعى إلى تبرير الفشل الذى واجه تجربتنا فى عامها الأول، ولكنى فقط أحاول تفسير ما حدث مدفوعاً بالرغبة فى إرضاء الضمير، كما أننى لا أنوى إلقاء المسؤولية على الآخرين، رفضاً لقبول نصيبى منها، ولكنى أضع الجميع - ونفسى أولاً - أمام مسؤولياتهم التاريخية والأخلاقية، فإن لم نحاسب أنفسنا، فسوف يحاسبنا التاريخ الذى لا يرحم بأحكامه القاطعة.
لقد أحزننى - أيها الإخوة - أن أرى دماء تسيل وأرواحاً تزهق وأموالاً تهدر، من أجل الحصول على كرسى لم يدم لغيرنا ولن يدوم لغيرهم، إن قطرة دم واحدة تجرى فى عروق أى مصرى، لهى أغلى وأثمن من كل كراسى السلطة، ولا أبالغ إذا قلت من كل من جلس أو سيجلس عليها، فلندع عرض الدنيا وغرضها الزائف، ولنعمل كعمل أهل الآخرة وفردوسها الموعود، ولهذا - فإننى أيها الإخوة - أعلن لكم وبكل نفس راضية اعتزالى العمل السياسى وعودتى لصفوف الجماهير مواطناً يعمل لخدمة وطنه أينما توفر له السبيل لذلك.
وفقنا الله لما فيه خير البلاد والعباد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.