يتحفنا الدكتور محمد وجيه بتأملاته عن ماليزيا، ذلك البلد الذى يحتل مكانا خاصا فى قلوب المصريين ونطمح فى اللحاق به على درب التقدم والحداثة، ولعل هذه الرسالة توضح لنا بعض الفروق بين خصائص الشعبين المصرى والماليزى. تقول الرسالة:
«يحتفل المسلمون فى ماليزيا بشهر رمضان بطريقة تختلف عن احتفالنا فى مصر. ولنبدأ ببداية شهر رمضان، حيث يعتمدون هنا على »الحسابات الفلكية«؛ فنحن نعرف منذ بداية العام أن رمضان سيبدأ الأربعاء الموافق 10 يوليو وأن عيد الفطر سيكون الخميس 8 أغسطس. وهذا بالتأكيد يُسهّل الأمر بالنسبة لتخطيط الأعمال والإجازات!. والطريف أن ماليزيا تعتمد فى هذا على فتوى من الأزهر الشريف بجواز الاعتماد على «الحسابات الفلكية» فى تحديد بداية ونهاية رمضان!!!.
الماليزيون يعملون 5 أيام فى الأسبوع، ويبدأ العمل من الساعة الثامنة صباحاً إلى الساعة الخامسة مساء مع راحة لمدة ساعة لتناول طعام الغذاء بين الساعة الواحدة والثانية ظهراً. وعندما يبدأ شهر رمضان، لا يتناول المسلمون بالطبع طعام الغذاء، وبالتالى يُسمح لهم بالانصراف الساعة الرابعة عصراً. والفكرة هى أن تعمل نفس عدد ساعات العمل بالضبط!!.
هنا لا ترى مظاهر كبيرة بالاحتفال بشهر رمضان، وليس لهم طعام ولا شراب مميز. فيما عدا حرصهم على الإفطار بالتمر، الذين يسمونه «كُرْمة»، وهى كلمة عربية تعود إلى أيام إن كان التمر نادراً فى البلاد؛ فكان قمة الكرم أن تقدم لضيوفك التمر!
من المفيد أيضاً أن نتذكر أن 40% من الشعب الماليزى غير مسلم. وهم يمارسون حياتهم بصورة طبيعية فيأكلون ويشربون والمطاعم مفتوحة لهم دون أن يرى المسلمون فى هذا جرحاً لمشاعرهم!.
يحرص الكثير من الماليزيين على أداء صلاة التراويح «20 ركعة»، يعقبها 3 ركعات وتر. وغالباً يتلوها جلسات دعاء وتسبيح وحلقات لقراءة القرآن داخل المسجد تستمر إلى ما بعد منتصف الليل! ومن المظاهر الجيدة هنا أن المساجد تستخدم سماعات داخلية لا تسبِّب الإزعاج لسكان المنازل المحيطة بها.
وعندما ينتهى الصيام، ويبدأ عيد الفطر المُحدَّد سلفاً بالحسابات الفلكية، يحصلون على يومين إجازة يحتفلون فيهما بالعيد ويزورون الأقارب والأصدقاء ويرتدى الأطفال الملابس الجديدة مثلما هو الحال عندنا. والعيدية هنا لا تتعدَّى ما يعادل «جنيهات» معدودة تُوضع فى ظرف ملوَّن أحمر اللون ويسمَّى «امباو». وهذا المبلغ البسيط يُمنح لكل أعزب «ذكراً أو أنثى» بغض النظر عن السن!
بعد يومى الإجازة يعود الماليزيون إلى العمل، ولكن تستمر الاحتفالات بعيد الفطر لمدَّة شهر كامل!. فبالإضافة إلى صيام الستة أيام، يحرص الكثيرون منهم على ما يسمّونه بـ«البيت المفتوح». وفيه يُعدّ صاحب المنزل طعاماً وشراباً بكثرة، ويفتح بيته عادة من الساعة العاشرة صباحاً إلى الساعة الخامسة عصراً للجميع.. وبالتالى فكل الأصدقاء والأقارب والجيران مدعوون بدون دعوة مباشرة!
هذه باختصار أبرز ملامح احتفالات الماليزيين بشهر رمضان. ولعلنا نلاحظ اختلافها عما يحدث عندنا فى مصر، والتى تذكرنى باحتفالات الأوروبيين بالكريسماس. نفس الزينات والبهجة والإقبال على الحياة، ولكن الفارق عن الأوروبيين أن المصريين يمزجون هذه البهجة بكوكتيل عجيب من أنواع الطعام الشهية والتمثيليات التليفزيونية مع برامج الضحك والتسلية والمسابقات مع جرعة لا بأس بها من الروحانيات فيكون الناتج خلطة مميزة تعرف وقتها أنك «أكيد.. أكيد فى مصر».
