العديد من الزملاء استوقفهم الفارق بين سعاد حسنى الأسطورة وآيتن عامر التى تعثرت وتلعثمت كثيرًا فى أداء دور فاطمة، خسر مسلسل «الزوجة الثانية» ضربة البداية فى اللحظة التى أسندوا فيها الدور إلى آيتن، بخاصة أن المواصفات الشكلية لا تنطبق عليها، فهى صارخة الجمال كما قدمها السيناريو، والواقع أنها كانت الترشيح الثالث سبقتها رانيا يوسف ثم دينا فؤاد وأى منهما لم تكن ستحقق نجاحًا يُذكَر ولكن ربما إخفاقًا أقل، كارثة «الزوجة الثانية» لو تأملتها فى السياق الذى قدم كمعالجة درامية فى المسلسل لاكتشفت أن دور العمدة هو الرهان الحقيقى، الشخصيات الرئيسية أربع ولكن العمدة عتمان احتل دراميًّا مساحة أكبر، وهو ما أدى إلى خروج العمل الفنى عن المنطق الذى فرضته الرواية قبل أن يحيلها المخرج صلاح أبو سيف إلى فيلم عام 1968، أداء الممثل فى ظل غياب تام لتوجيه المخرج أدى إلى انحراف الرواية عن مسارها وغياب عمقها الفكرى كأنها محاكاة ساذجة لثنائى شهير جمع عبر موجات الإذاعة المصرية قبل 60 عامًا بين فؤاد المهندس وخيرية أحمد فى البرنامج الكوميدى «ساعة لقلبك»، لعب فؤاد دور الزوج «محمود» الذى يعانى غباء زوجته «خوخة»، فهو كثيرًا ما ينفر ويسخر منها ولكنها لا تدرك، حاول عمرو عبد الجليل وعلا غانم أن يعيدا تلك الثنائية بين عتمان وحفيظة فلم يراعيا فروق التوقيت، ودفع المسلسل الثمن لأن المخرج لو أراد تقديم الرواية بأسلوب البارودى الذى يعنى الرؤية الساخرة لعمل تراجيدى لتطلب ذلك معالجة مغايرة فى كل الأدوار ليس فقط العمدة وزوجته.
كثيرًا ما تستمع إلى العاملين فى الوسط الفنى وهم يرددون «الدور ينادى صاحبه»، وهى مقولة صحيحة تمامًا لو كنا نعيش فى عالم مثالى، ولكن الحقيقة على أرض الواقع تؤكد أن الدور يأتى أحيانًا لمن لا يستحق وربما تستبدل ظرف الزمان «أحيانًا» ليصبح «غالبًا».
أتذكَّر أن الفنان القدير صلاح السعدنى قبل عام ونصف قال لى إنهم عرضوا عليه دور العمدة عتمان فى المسلسل ولكنه رفضه دون حتى نقاش، سألته بنهم صحفى: كيف؟ أجابنى: أين أنا من صلاح منصور؟ الناس ستتذكر على الفور صلاح منصور وأداءه العبقرى. قلت له: ولكنك لعبت بأستاذية دور العمدة سليمان غانم وحفرت فى الذاكرة الجماعية عمدة آخر لا يُنسَى، أجابنى: لأنه كان له مواصفات مختلفة كتبها الراحل أسامة أنور عكاشة واجتهدتُ واجتهد المخرج إسماعيل عبد الحافظ فى تفسيرها أمام الكاميرا فأصبح للشخصية حضورها فى تاريخنا الفنى. الغريب أن السعدنى لعب دور عمدة آخر هذا العام فى مسلسل «القاصرات» لم أرتح لفكرة المسلسل لأن الجرعة الدرامية مقززة عندما ترى رجلًا سبعينيًّا يتزوج طفلات فى التاسعة من أعمارهن، تصاب بتقزز أنه مريض ومثل هذه الأمراض من المستحيل أن تتحملها فى عمل فنى يمتد 30 حلقة، ولكن هذه قصة أخرى.. دعونا نعُد مرة أخرى للعمدة عتمان، كانت المحطة الثانية لهذا الدور باسم سمرة الذى شاهدت له فى رمضان ثلاثة أدوار مميزة هى على الترتيب «ذات» و«آسيا» و«الوالدة باشا»، لم يستطع باسم توفيق مواعيد التصوير للمسلسلات التى تلاحقت جميعها فاعتذر وجاء الدور فى المحطة الثالثة والأخيرة لعمرو عبد الجليل.
عمرو حقَّق مؤخرًا قدرًا من الحضور السينمائى كبطل فى فيلمى «كلمنى شكرًا» و«صرخة نملة»، النجاح التجارى المتوسط وضعه على خط النجومية، وفى العادة تشتعل داخل هؤلاء النجوم الذين يقفون على العتبة الجماهيرية الرغبة فى مباراة ثأرية ووجدها عمرو تأتى إليه فى رمضان، ومن الواضح أنه كانت لديه مساحة من الارتجال سمح بها المخرج خيرى بشارة، ولا أدرى كيف، وهى أيضًا نفس المساحة التى منحها لعلا غانم. النص به مراهنة درامية أكثر على العلاقة الثنائية بين عتمان وحفيظة، أضاع عتمان الفرصة عندما أعتقد أن العمق التراجيدى للعمل الفنى من الممكن أن يحيله إلى «إفيه» أو نكتة، خسر «الزوجة الثانية» الكثير، كانت آيتن سيئة لا جدال فى هذا، إلا أن الضربة القاضية جاءته بإضافات عتمان الذى يبدو كأنه «جى يكحلها عماها»!