لم يعد أحد يشك فى أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما هو أحد أسوأ وأضعف الرؤساء الأمريكيين. فهو غاضب من وزير الدفاع المصرى الفريق أول عبد الفتاح السيسى، لأنه تصرف فى سيناء ومع الإخوان بدون إذنه. وغاضب من إسرائيل، لأنها لم تحتج على تصرفات السيسى فى سيناء. وغاضب أيضا من إسرائيل، لأنها ضربت سورية بدون إذنه. لقد أصبح أوباما مسخة حقيقية أيضا بعد قضية التجسس على السفارات الأجنبية والمواطنين الأمريكيين، وبعد قضية إدوارد سنودن الذى فضحه وفضح أجهزة استخباراته الفاشية التى نفذت وتنفذ كل شىء بعلمه. وفى نهاية المطاف أرسل أوباما بوارج حربية إلى البحر المتوسط والبحر الأحمر عليها ٢٦٠٠ من عناصر المارينز ومروحيات عسكرية لكى يؤكد للسيسى أن أمريكا موجودة. ولكن تأكيدات أوباما قوبلت بتحليقات الطائرات الحربية المصرية يوم السبت فوق البوارج الأمريكية. هناك أيضا قطع من الأسطول السادس الأمريكى بالقرب من إسبانيا وإيطاليا يمكنها الوصول إلى المياه الإقليمية المصرية خلال ساعة واحدة. ومن الواضح أن أوباما يسعى لاستعراض عضلاته ومحاولة إعطاء درس للسيسى. وبطبيعة الحال، هناك حجة لطيفة وتبريرية للسيد أوباما الضعيف والمهلهل وهى حماية ١٠٠٠ جندى أمريكى ضمن قوات حفظ السلام فى سيناء. هناك حجة أخرى ضعيفة وسخيفة، وهى أن أوباما جاهز للدفاع عن حركة الملاحة فى قناة السويس فى حال إذا ما حاول الجهاديون والإرهابيون تعطيلها! خلاصة القول أن أوباما يحترق وينهار ويواصل ارتكاب الحماقات!
من جهة أخرى دعت المستشارة الألمانية السيدة أنجيلا ميركل السلطات المصرية لإطلاق سراح الرئيس المعزول محمد مرسى. من الملاحظ أن مواقف ألمانيا تحديدا كانت وما زالت متزنة بخصوص كل أحداث المنطقة طوال السنوات الثلاث الأخيرة لأسباب كثيرة، على رأسها أنها غير مستفيدة بنفس درجة فرنسا وبريطانيا وإيطاليا. ولكن يجب أن نفرق بين تصريح نابع من مصالح ألمانيا كدولة، وتصريح آخر نابع من ألمانيا كعضو فى الاتحاد الأوروبى وعضو فى حلف الناتو! إن تصريح ميركل هذا يندرج تحت كونها عضوا فى حلف الناتو أولا، وعضوا فى الاتحاد الأوروبى ثانيا. ومن الواضح أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى (وبالذات دول الصقور مثل فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا) بدأت تدرك أن مصر تنبعث بشكل حقيقى وعلى أرض الواقع، وهو ما يستتبعه إجراءات وطنية هامة وحرص على المصالح الوطنية والقومية وانبعاث دور مصر إقليميا وتوجهها، ربما، لنسج منظومة علاقات جديدة ومتنوعة ليس فقط مع أوروبا وأمريكا. هنا فقط لا مجال للحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وإطلاق أكاذيب من قبيل أن الغرب يريد مصر قومية ومزدهرة. المسألة هنا تدخل فى إطار المصالح والبراجماتية والحسابات الدقيقة. من الواضح أن مصر تضع أقدامها على الطريق الصحيح طالما أمريكا والغرب فى حالة انزعاج وخروج عن المنطق واللياقة واللباقة!
ومن الواضح أيضا أن سرعة التسويات السياسية الداخلية، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بوضع البلاد على المسارين السياسى والتشريعى الصحيحين، والتحكم النسبى فى ملفى الأمن والاقتصاد، يزعج الولايات المتحدة وتركيا وقطر والاتحاد الأوروبى لأسباب كثيرة، أهمها أن كل ذلك يجرى بمعزل عن هذه الأطراف مجتمعة. وعلى الرغم من التطمينات الضمنية التى يتم الإعلان عنها بين الحين والآخر تزامنا مع إنجاز العديد من الخطوات الضرورية والسريعة بشأن تشكيل الحكومة وتنفيذ خارطة الطريق، إلا أن كل ذلك لا يقنع هذه الأطراف، مما يؤكد أن هناك ضغوطا شديدة تهدف إلى التحكم فى كل المسارات المصرية الداخلية والخارجية والسيطرة عليها!
إن قصف باص للعمال المصريين فى سيناء بقذيفة (آر بى جى) يعتبر تحولا نوعيا فى نشاطات الجماعات الجهادية والإرهابية فى سيناء. وهو الأمر الذى تزامن مع قدوم نائب وزير الخارجية الأمريكى وليام بيرنز إلى القاهرة مساء الأحد. ومن الواضح أن بيرنز هو الذى أصبح يقوم بنفس دور جيفرى فيلتمان مهندس دفن الثورات فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط. إلا أن واشنطن وصقورها الأوروبيين يتجاهلون هذا التحول النوعى فى نشاطات الإرهابيين فى سيناء. وكنا قد حذرنا فى السابق من دعم واشنطن للإرهاب فى المنطقة والمناطق الأخرى، وما زلنا نحمل مسؤولية إراقة دماء المصريين للولايات المتحدة وتركيا وقطر وبقية التنظيمات المتطرفة التى استولت على الحكم فى تونس وليبيا.
من جهة أخرى يسود اعتقاد راسخ بأن استمرار القيادى الإخوانى المتطرف محمد البلتاجى والقيادى الأكثر تطرفا عصام العريان والمرشد العام محمد بديع بديع فى الإدلاء بالتصريحات المتطرفة والتحريض على العنف وإراقة دماء المصريين، يغلق كل أبواب العودة إلى صفوف المصريين وحقن دمائهم. ومن ثم لا داعى للضغط على الجيش من أجل فض اعتصامات الإخوان، لأنهم يريدون المزيد من الدماء للمتاجرة بها فى الخارج وأمام حلفائهم المتطرفين فى واشنطن وقطر وتركيا وتونس! وفى ضوء التحذيرات المتوالية لكل الموجودين فى تلك الاعتصامات، سواء بإرادتهم أو تحت ضغوط وتهديدات، يرتكب هؤلاء مخالفات قانونية ويصبحون فى مصاف القيادات الدينية المتطرفة التى تحرض على العنف وقتل المصريين وإراقة دمائهم!