لا يخلو عديد من المسلسلات الرمضانية من شخصية الداعية، عشنا عاما فى ظل هذا الكابوس الإخوانى، فكان ينبغى أن تتوجه الدراما إلى فضح التناقضات والازدواجية التى شاهدناها فى «الميديا» بعد انتشار هؤلاء الدعاة الذين ملؤوا الشاشات، الكاتب مدحت العدل كان مباشرا فقدم «الداعية» حيث تجد تطابقا فى الملامح بعدد من مشاهير الدعاة، بل ويتطابق أيضا الزمن الواقعى مع الأحداث، وهناك من يغوص فى الزمن نحو 30 عاما، مثل وحيد حامد فى «بدون ذكر أسماء»، الذى تجرى أحداثه فى منتصف الثمانينيات، وهناك أعمال كانت تتحرك مع فارق زمنى محدود تفصله عن اللحظة الراهنة إلا أنها تشير إلى ما نعيشه الآن مثل «نيران صديقة» و«موجة حارة».من المؤكد أن صُناع هذه الأعمال الدرامية وغيرها كانت لديهم أسبابهم فى هذا التوجه، فهم يواجهون قوة تملك فى يديها السلطة وتريد أن تستحوذ على كل شىء، ووجدوا أن تلك الشخصية من الممكن أن تصبح هى عنوان المرحلة الفنية القادمة.
هذا هو حال الدراما دائما، فى نهاية الثمانينيات تنبهت الدولة المصرية إلى تغلغل شركات توظيف الأموال، حيث كان التيار الإسلامى يحاول أن يستحوذ على البنية التحتية لمصر، وأراد أن يصبح قوة اقتصادية موازية للسلطة تستطيع أن تنافس بل تتفوق على الدولة ثم تصبح بعدها هى الدولة، كانت تلك الشركات تمنح أرباحا تعدت 20% سنويا من قيمة رأس المال، وهكذا تهافت كل المصريين ووضعوا تحويشة العمر فى هذه الشركات التى التصقت بالدين، ثم استيقظ المصريون على الخدعة الكبيرة عندما اكتشفوا أن أموالهم تتم المضاربة بها فى البورصة ووجدتها السينما فرصة، فلم تكن الدراما التليفزيونية قد حققت هذه الانتعاشة، أتحدث بالطبع عن زمن ما قبل الفضائيات، الكل كان يلهث وراء تقديم شخصية بذقن طويلة ينشئ شركة ويسطو على الأموال، سألت وقتها الراحل صلاح أبو سيف متى يقدم فيلما عن تلك الظاهرة، قال لى ضاحكا عندما يتم الكشف عن كشوف البركة.
كانت قد ترددت أسماء عدد من كبار المسؤولين يتقاضون أموالا حتى يحققوا حماية أدبية وإعلامية لهذه الشركات -ملحوظة وحتى الآن لم يتم الكشف عن تلك الأسماء- وأضاف أبو سيف عندما فكرت فى تقديم فيلم «الفتوة» عشت أنا والسيد بدير ونجيب محفوظ نراجع كل تفاصيل السوق والعرض والطلب والاحتكار وكان من الممكن بتلك الدراسة أن نحصل على الدكتوراه، ولكننا بعد عام من المعايشة كتبنا معا السيناريو.. الدراما ستظل فى مرحلة قادمة تلهث وراء شخصية الداعية ولكن أتمنى أن نستفيد من درس أبو سيف وحتى لا تصبح موجة وتعدى، نحتاج إلى مرحلة زمنية لالتقاط الانفاس.
***
هل نور الشريف بحاجة إلى أن يُطل علينا بـ«خلف الله» أم أن الاعتذار كان أفضل، عندما لا نجد ما نقوله فلماذا نقول أى كلام.
هل حسين فهمى بحاجة إلى أن يسبقه لقب نجم، فإذا لم يكن هو نجما فمن هو النجم.. ربما كان الفنان عندما يكتب اسمه تاليا فى عمل فنى لزميل آخر يجد نفسه مضطرا إلى أن يقول للجمهور أنا نجم، مثلما حدث فى «العراف»، لأن البطل عادل إمام ولكن لماذا يسبقه لقب نجم فى مسلسل «الشك» واسمه يتصدر العمل الفنى.
هل لاحظتم فى التترات أن كل فنان وبعضهم من أنصاف المشاهير أصبح له فريق عمل مكون من خمسة أو ستة أفراد، وكل منهم يتباهى بوضع أسماء اللبيس ومساعده والكوافير ومساعده ومدير الأعمال ومساعده، وباتعة بتاعة الباديكير ومساعدتها.
هل صارت اللهجة المصرية صعبة على ألسنة عديد من الفنانين العرب، ربما كانت الحالة صارخة جدا مع منذر رياحنة الذى أحبه الجمهور وتعاطفوا معه رمضان الماضى فى «خطوط حمراء»، ثم وجدوه غير قادر على نطق المصرية فى «العقرب»، ما يثير دهشتى فى الحقيقة ليس منذر، لأن علاقته باللهجة المصرية لم تتجاوز عاما، بينما جمال سليمان يقترب من عشر سنوات فى الدراما المصرية ولا تزال تنضح على حواره اللهجة الشامية، حتى رغدة و90% من رصيدها على مدى 30 عاما هو الدراما المصرية، هذا العام فى «الشك» كانت بين الحين والآخر تنطق بالشامية، هل السبب هو انتشار المسلسلات التركية المدبلجة بالشامية فأثرت حتى على نطق الممثلين العرب؟