هذه الطاقة الصغيرة الأسبوعية التى أتاحتها لى جريدتى المفضلة «المصرى اليوم» كانت معى لسنوات، كتبت مقالى الأول على صفحاتها وكان عن خطورة انتهاك البر الغربى لمدينة الأقصر بمشروع يتيح للمراكب النيلية العملاقة أن ترسو على هذا الشاطئ وهو ما كان يمكن أن يدمر ثروة مصر الكبرى من الآثار الفرعونية التى يتركز معظمها فى هذا البر بالتحديد، وكان هذا المرسى مقدمة لزحف المبانى والمقاهى والمحال... إلخ، ولحسن الحظ تعّثر هذا المشروع المدمر عندما هددت اليونسكو مصر باستبعاد البر الغربى من التراث الإنسانى العالمى لو تم استكماله.
بعدها توالت الكتابات التى اكتشفتُ عند تجميعها أنها جالت فى كل مجالات الحياة فى مصر، بعضها سبق ثورة 25 يناير عام 2011 والبعض الآخر عاصر الثورة وتبعها حتى حركتها التصحيحية فى الثلاثين من يونيو الحالى أو لنقل حتى ثورة مصر الشعبية العارمة الثانية، سنوات ربما من أخطر السنوات وأكثرها سخونة فى تاريخ مصر فى نصف القرن الأخير، سنوات اختلط فيها اليأس بالأمل، الهدوء بالانتفاض، الخطأ بالتصحيح وتعديل المسار، تحمل المصريون ما لم يحتمله بشر مع حكم الإخوان، تذوقوا طعم المرارة وضياع الهوية وهوان الوطن واضمحلال الدولة، شاركوا مرغمين فى مسار معوج ينتهى بكتابة الدستور ولا يبدأ به، تعرفوا عن قرب على ألاعيب خلط الدين بالسياسة والسياسة بالدين ثم تصاعد احتجاج شباب مصر على وجه الخصوص وولدت حركة تمرد وانتفضت الملايين فى شوارع مصر ترفض خنوع الخضوع للأمر الواقع وكشف الجيش المصرى العظيم عن وجهه الناصع وعطائه الوطنى الجبار الذى لابد أن تحمل أجيال مصر الحالية والقادمة له كل التقدير والامتنان.
وفى هذه الطاقة الصغيرة التى أتاحتها لى جريدة «المصرى اليوم» كنت أكتب وأسجل وأتابع وأناقش وأوافق وأرفض وأهدأ وأثور وأصاب باليأس وأتفاءل وأنتظر شروق شمس مصر من جديد، طاقة صغيرة لكنها كانت يدى الممتدة للقراء كل أسبوع وكأننى أصافح كلا منهم على حدة وأطالع وجه كل منهم على انفراد.
واليوم وقد كلفت بمهمة وطنية أطلب العون من الله سبحانه وتعالى على أدائها وأنتظر ثقة وتعاون زملاء وزميلات مهنة الإعلام على إنجازها أتقدم بخالص التقدير لجريدة «المصرى اليوم» وأتمنى لها المزيد من التألق والنجاح وأودع ـ لحين ـ عندها طاقتى الصغيرة أمانة.