إذا كان الدكتور البرادعى قد أدى اليمين الدستورية نائباً للرئيس، فما نتمناه أن يدرك الرجل أن منصبه هذا ليس منصباً شرفياً، وأننا، بالتالى، فى انتظار أن نرى أثراً حقيقياً لوجوده فى هذا الموقع الرفيع بيننا على الأرض.
إن البرادعى شخصية دولية، وليس هناك رئيس لدولة فى العالم إلا ويعرفه، ومن النادر أن نجد حكومة، فى أرجاء الدنيا، لم تتعامل معه، أو يتعامل هو معها، وقت أن كان مديراً للوكالة الدولية للطاقة الذرية فى النمسا لسنوات.
وإذا كنا نحن فى أشد الحاجة إلى شىء، بعد ثورة 30 يونيو، فهذا الشىء هو أن تسمع الحكومات والرؤساء بشكل مباشر منا، فى شتى الدول، حقيقة ما جرى فى ذلك اليوم، فى ظل أكاذيب مكشوفة يروج لها الإخوان فى عواصم العالم، وكأن الكذب جزء من طبيعة فيهم!
ولن يكون عندنا من هو أفضل من البرادعى ليذهب بنفسه، فى رحلات مكوكية، إلى تلك العواصم، ويشرح لهم، باللغة التى يفهمونها، أن ملايين المصريين الذين خرجوا يوم 30 كالطوفان فى الشوارع، كانوا قد ضاقوا ذرعاً من فشل «مرسى» ومن عجز الإخوان، وأنهم، كمواطنين، لم يكونوا على استعداد لأن يقضوا عاماً آخر مع فشل رئيس، ولا مع عجز جماعة كانت، رغم عجزها وقلة حيلتها، هى التى تحكم!
وبمثل ما جاء مساعد وزير الخارجية الأمريكى إلينا، أمس الأول، ليفهم ملامح الصورة عن قرب من أطرافها، فإن المطلوب من الدكتور البرادعى، بحكم منصبه الذى يشغله، أن يذهب، وبسرعة، إلى الولايات المتحدة، ثم إلى دول فى أوروبا، ليوضح لهم هناك، وباللغة التى يفهمونها كما قلت، ماذا جرى، وماذا جنى الإخوان على وطن بكامله، على مدى عام أسود حكموا فيه!
وسوف يكون الشىء الأهم الذى على نائب الرئيس أن يقوله للعالم، بأنصع بيان، أن دعوات المصالحة التى انطلقت فى مصر، منذ بيان الجيش، يوم 3 يوليو إلى اليوم، لا تجد أى صدى لدى الإخوان الذين عليهم أن يتصالحوا مع أنفسهم، ثم مع مجتمعهم، وأنهم لا يكتفون برفض كل دعوة إلى المصالحة، وإنما يمارسون العنف، يومياً، ويحرضون عليه، ويمارسون الإرهاب على مجتمع مسالم أعطاهم فرصة كاملة، بامتداد 12 شهراً، فإذا بهم أعجز الناس عن تقديم أى شىء إيجابى للمصريين!
البرادعى عاش فى الولايات المتحدة، وفى أوروبا، ويعرف جيداً كيف يفكرون، وكيف يقتنعون، وعليه أن يدخل إليهم من هذه الزاوية، وأن يبين لهم أن المجتمع المصرى كله يعيش هذه اللحظة، تحت إرهاب يائس لجماعة لا تؤمن بحوار، ولا بمصالحة، ولا تعرف التسامح الذى يظل مقصداً من مقاصد الدين العليا، وأن الديمقراطية عندها هى ديمقراطية المرة الواحدة، التى تصل بها إلى السلطة.. ولا شىء بعدها!