فتحت الباب لأجده أمامى ومعه ثلاثة أشخاص، واضح للأعمى أنهم مخبرون (بس.. يبقى ضابط) قال لى إنه ضابط من إدارة الحراسات بوزارة الداخلية، وإن اسمى قد ورد على قوائم الاغتيال ضمن اعترافات تنظيم العائدين من أفغانستان 2، الذى خطط لاغتيال عدد من الشخصيات، منهم أنا العبد الفقير المعترف بالتقصير.. كان هذا هو الأسبوع الأول لتولى اللواء حسن الألفى وزارة الداخلية، وكنت أكتب مقالات منتظمة فى مجلة «روزاليوسف» (حينما كان أستاذنا عادل حمودة نائبا لرئيس تحريرها)، فى مواجهة الإرهاب والتطرف فى مرحلة كانت شديدة الصعوبة على مصر، حيث تصاعد التطرف والإرهاب بدرجة لعينة، وبنفس حماس وتصاعد الفساد والنهب المنظم للبلد.. وقتها كنت عازبًا وحين دخل الضابط لمعاينة الشقة شعرت بذهوله.. شقة صغيرة، الصالة فارغة تماما بلا أى أثاث سوى نحو «عشرة جوز جِزَم» على الأرض، وغرفة بها كنبة وتليفزيون وفيديو (لم يكن الديكودر قد ظهر فى حياتنا) ونحو مئة شريط فيديو، ثم غرفة بها مكتب وكراتين كتب تخرج منها مئات الكتب تفرش الأرض كلها، وسرير تحفة أهداه لى حما صديقى التاريخى محمود سعد، سيادة المستشار الراحل عبد الحى بدير. قال لى الضابط، وقد تغيرت كل ملامحه: هل حضرتك عايز حراسة راكبة ولّا حراسة ثابتة، أجبته بأننى مش فاهم، فقال: «راكبة يعنى معاك حرس فى كل حتة، إنما ثابتة يعنى حراسة واقفة قصاد البيت أو مكان العمل».. قلت له أنا ماعنديش عربية، فهل سيركب الحارس معى فى الميكروباص أو الأوتوبيس؟.. ضج الضابط بى تماما: يبقى ثابتة خلاص.. المشكلة أنه لم يكن فى البيت سوى كرسى مكسور، فذهبت أنا و«على» بواب العمارة يصحبنى الحارس لنعبر شارع فيصل معًا ثم يقف معى حتى يتكرم تاكسى بالموافقة على الذهاب لشارع قصر العينى، ثم يشير لى الحارس بالتحية ويرجع يقعد أمام العمارة.. المشكلة حين اطلعت على اعترافات التنظيم وجدت أنهم يعرفون عنوان بيتى، ثم إن شقيقة أحدهم كانت تسكن بجوارى، وأن خطر الاغتيال كان محدقا بى فى كل لحظة، لكن هذه الفترة هى التى علَّمتْنى شجاعة مواجهة الموت، ومن ثم لم يعد هناك أى مبرر لأى خوف من أى شىء آخر، وواجهت منذ نعومة تاريخى اتهامات بالكفر فلم تعد تؤثر فىَّ أى اتهامات أخرى.. فماذا تساوى جنب تهمة رهيبة مثل الكفر، والعياذ بالله؟!
إبراهيم عيسى يكتب: حرس
مقالات -
إبراهيم عيسى