أرجو أن يكون ما نُشر عن اجتماع التنظيم الدولى للإخوان فى تركيا قد بدأ التحقيق الرسمى فيه، وأن يكون كل مَن شارك فى هذا الجتماع وغيره من الاجتماعات المماثلة مطلوبًا للعدالة بتهمة التآمر ضد مصر والتحريض ضد مؤسسات الدولة والعمل على الإضرار بالأمن الوطنى.
هذا عن التنظيم المذعور من سقوط حكم «الإخوان» فى مصر، والذى يرى علامات النهاية تطارده فى كل أنحاء العالمين العربى والإسلامى.. أما تركيا التى استضافت اجتماعات التنظيم للتآمر على مصر، واستضافت غيره من الاجتماعات لهذا الغرض، فهى تواصل دورها المشبوه كأداة لتنفيذ الخطط الأمريكية فى المنطقة، وفى نفس الوقت تأكيد نفوذها على حساب دور مصر ومصالح العرب.
الأخ أردوغان الذى كان أحد سماسرة تسويق «الإخوان» لدى أمريكا والغرب، يدرك حجم الخسارة التى لحقت به مع سقوط الإخوان فى مصر. ويفهم جيدًا أن آثار زلزال 30 يونيو سوف تمتد إلى باقى العالم العربى. ويخشى ما هو أكثر من ذلك، حيث تمتد الآثار إلى تركيا نفسها التى بدأت ثورتها عليه من ميدان «تقسيم»، والتى تعرف الآن أن أوهامه بإحياء «العثمانية» واسترجاع نفوذ تركيا فى العالم العربى قد ولت إلى غير رجعة!!
الأخ أردوغان يضع نفسه فى موقف العداء لشعب مصر الذى أسقط حكم «الإخوان» الفاشى، واستعاد ثورته فى 30 يونيو. يقول رئيس الوزراء التركى إنه ما زال يتمسّك بشرعية مرسى، ويشارك أعضاء التنظيم الدولى للإخوان تحريضهم على الفتنة فى مصر!!
نقدر صدمة أردوغان وهو يرى سقوط المشروع الأمريكى للمنطقة الذى كان جزءًا أساسيًّا منه. ونقدّر أيضًا خوفه من أن يفقد دوره ليس فقط داخل بلاده، ولكن عند مَن راهنوا عليه ليكون داعمًا لمشروع إخضاع العالم العربى للحكم الدينى وتقسيمه إلى إمارات على أسس دينية أو مذهبية، لتكون القوى الكبرى فى المنطقة هى الدول غير العربية وعلى رأسها تركيا وإسرائيل!!
فى وقت ما، كنا فى مصر والعالم العربى على استعداد لفتح صفحة جديدة مع تركيا، ننسى فيها قرونًا من أحقر احتلال شاهدناه. احتلال نهب مصر وأفقر شعبها وانحط بثقافتها وعلق أحرارها على المشانق، وكان إسهامه الأكبر هو التفوق الذى لا ينكر فى ابتداع أنواع «الخوازيق» وطرق قطع الرؤوس!!
فى وقت ما كنا على استعداد لنسيان تاريخ من التعاون التركى الإسرائيلى ضد مصر والعرب، ومن التآمر مع القوى الكبرى التى وقفت ضد أى مشروع حقيقى لنهضة العرب ووحدتهم وتقدمهم.
وفى وقت ما كنا نتصور تعاونًا اقتصادىًّا يعود بالخير على الشعبين، ولا يكون -كما حدث- وسيلة لتدمير صناعاتنا الوطنية!! وكنا نتصور تعاونًا سياسيًّا يقدّم نموذجًا فى التعاون بين الدولتين لخير المنطقة والعالم، فإذا بنا أمام تدخّل فى شؤوننا ودعم لمشروع حكم الإخوان الفاشل والفاشى الذى راهنت عليه أمريكا، وكانت تركيا أردوغان أحد سماسرته!!
وتبقى ملاحظتان.. الأولى أنه فى الوقت الذى كان أردوغان يطلق تصريحاته التى يتدخل بها فى شؤون مصر ويهاجم ثورتها، كانت أمريكا تكشف أن الطائرات الإسرائيلية التى ضربت مواقع سورية فى اللاذقية، قد انطلقت من قواعد تركية وبموافقة حكومة أردوغان الذى حاصرنا حتى طلوع الروح بتمثيلية الطلاق البائن مع إسرائيل!!
أما الملاحظة الثانية فوسف تدركها حكومة أردوغان بنفسها، ومع مقاطعة المصريين السلع التركية، ومع غياب السياح المصريين عن بلاده التى جعلها مقرًّا لاجتماعات التآمر ضد شعب مصر وثورته. أعرف الكثيرين الذين ألغوا سفرهم بالفعل إلى تركيا، ولا شك أن غيرهم سيفعل.. فليهنأ أردوغان باستضافة مَن يخططون لقتل المصريين، وليثق تمامًا فى أنه سيدفع الثمن!!