1- نقلق لأنها ليست ثورة مسلحة، ثورة حزب أو تنظيم يملك القوة إلى جانب الوعى والحركة.
2- ولكى لا يبقى الخروج الشعبى مجرد مظاهرة، احتجاج، انتفاضة تحتاج إلى انحياز قوة مسلحة.
3- وهذا ما دفعت الثورة ثمنه فى الموجة الأولى مع المجلس العسكرى، بإدارته العجوز، المستكينة للاستقرار، والسيطرة، بحكم مصالحها، وطول إقامتها فى محيط الركود الذى حكم مبارك من خلاله.
4- المجلس العسكرى فى الموجة الأولى أراد تحويل الثورة إلى مظاهرة، واصطنع أسطورة «حماية الثورة» ليكون وصيا عليها، واضطر بفعل قوة الموجة الثورية أن يحمى وجوده بالاتفاق مع الإخوان فى «فرملة الثورة».
5- الإخوان كانوا للمجلس العسكرى الظهير السياسى، ومن اتفاقهما خرج المسار الملعون الذى وضعنا فى استقطاب لصالح الإخوان (الجنة معهم) ولصالح العسكر (الاستقرار معهم).
6- ورغم الاتفاق لم يسيطر المجلس العسكرى، واضطر إلى ارتكاب جرائم (لم يفتح التحقيق حولها، ولا تمت محاسبة المسؤولين عنها.. وتأتى اليوم محاولات لنقل التهمة إلى الإخوان أيضا من دون تحقيق ولا محاسبة..).
7- اضطراب القيادة العجوز للمجلس العسكرى دفع إلى موجة ثانية للثورة أفشلت السيناريو الرومانى (بالقضاء على نشطاء الصفوف الأولى وشيطنتهم.. والحكم بتركيبة تعيد النظام القديم بوجوه نصف جديدة).
8- وهنا تبدو موقعة محمد محمود الأولى نقطة فاصلة فى الموجة الثانية، حينما تبخر حلم المجلس العسكرى فى استخراج التماسيح من البحيرة، واضطرارهم إلى تحديد موعد تسليم السلطة.
9- كتبت مقالًا فى يوم 12 فبراير (بعد خروج مبارك من القصر إلى منفاه فى شرم الشيخ بيوم واحد)، أنهيته بسؤال: هل يأكل الجيش الثورة؟ واليوم أرى أن الموجة الثانية أفشلت رغبة، خطة، حلم أكل الثورة.
10- واليوم أعيد السؤال فى إطار القلق الذى ينتابنا بعد الموجة الثالثة التى لم تطح بالمرسى وجماعته فقط، لكنها ألغت المسار الملعون فى 19 مارس.
11- لكن إعادة السؤال لا تعنى أننا نعيش نفس الظروف، ولا الدولة تعيش على نفس ألواح القوة كما كانت فى 11 فبراير، كما أن المجتمع، الإرادة الشعبية لم يعد بالإمكان إعادتها إلى ما كانت تحلم به العقلية القديمة. مجرد شعب طيب يستخدم لقمع إرادته أو بمعنى آخر مجرد كورس لصعود ديكتاتور آخر يتحدث باسم الشعب ليلغى الشعب نفسه.
12- فشل المجلس العسكرى، وخطة إعادة التماسيح، فى صنع ظهير شعبى ليس فقط أيام المشير طنطاوى ولا فى المحاولة البائسة لإحياء عمر سليمان، ولكن عندما دبرت بقايا «التمسحة» حملة توكيلات للفريق السيسى، مستغلة حالة الغضب المتنامى من المرسى وجماعته وخطة تأسيس ديكتاتورية إخوانية، إسلامية.
13- وللتذكرة فإن الثورة على المرسى تفجرت، منذ الإعلان الدستورى الملعون فى نوفمبر 2012، لأنه أعاد سياسات مبارك السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية بإجراءات سلطوية، عاجزة، لأن ماكينته القمعية فقدت الجزء الأعظم من فاعليتها فى الموجة الأولى من الثورة، وانحيازها إلى سياسة البقالة الاقتصادية استمرار لرأسمالية متوحشة يوزع فيها ساكن قصر الرئاسة، أو من أرسله إلى هناك مندوبا، تراخيص تكوين الثروات، بالإضافة إلى اندفاعه إلى الدوران فى فلك السياسة الأمريكية، بتورط أكبر بمراحل من مبارك، دفاعا، أو توهما بأن أمريكا هى اللاعب الرئيسى والوحيد، فى بقاء الرئيس.
14- المرسى حافظ على وديعة مبارك، والاستثمار فيها، بمزيد من تهميش طبقات وفئات اجتماعية، يمنح لها الرشاوى، والحسنات مقابل أصوات فى صناديق الانتخابات من دون خطة، برنامج، مشروع يحقق عدالة اجتماعية، وزاد على ذلك بمحاولة أسلمة الثروة، وشريحتها الضيقة بالتضييق على الحريات الشخصية، وأسلوب الحياة وهو ما يمثل تصادما (يفتقد إلى الذكاء والحساسية السياسية)، ويعبر عن فشل التنظيم السرى بآلياته فى الحكم.
15- الغضب الشعبى لم يعد مجرد احتقان اجتماعى، عنف مكبوت كما كان أيام مبارك، لأن الثورة منحت المجتمع وعيا جديدا بأن التغيير لن يحدث إلا بالتعبير، والنزول إلى الشارع، الثورة.
16- وهذا ما لم يستوعبه المرسى وجماعته بنظرة قاصرة، قديمة رأت فى رد الفعل على الإعلان الدستورى الملعون، مجرد مؤامرة من النظام القديم، وتأثير الإعلام، أو غيرها من توهمات حاصرت الجماعة، ومندوبها فى القصر ومنعتها من التفكير.
17- الخروج فى 30 يونيو كان ضد مسار 19 مارس بالأساس أى ضد منع، وفرملة التغيير بالصناديق كما خططت شركة (المرشد والمشير).. وهذا ما يثير الإزعاج فى الغرب، لأنه يقدم اقتراحا جديدا على البشرية التى تواجه ديمقراطيتها، المسيطر عليها، مأزق كبير.
… وتبقى أسئلة خلف القلق الذى ينتابنا:
هل الجيش بقيادة السيسى، الشاب سينجح فى ما فشل فيه طنطاوى، العجوز؟
هل الإخوان وحركتهم اليائسة، الانتحارية ستكون مبررا لعسكرة الدولة؟
إلى أى مدى ستكنس الموجة الثالثة آثار السلطوية التى بدأ وجهها القبيح يظهر عبر منظرى وأبواق تسعى إلى إحياء نظام مبارك؟
وما زال هناك ما يمكن قوله… حول القلق الذى ينتابنا.