كتبت بالأمس عن أسامة يس، باعتباره قيادة شابة من داخل تنظيم الإخوان، أكثر وعياً بمقتضيات العمل السياسى من جيل القيادات الحالى، الذى تجمد فى فكره، ولم يعد قادراً على الأقل حتى الآن على تجاوز تبعات زلزال يوم 30 يونيو.
وفى الوقت الذى يبدو فيه أسامة يس مرتبطاً بالكثير من الجوانب الخفية وشبه العسكرية لتنظيم الإخوان، فإن قيادة إخوانية أخرى استطاعت التحرر من الجمود الفكرى والتنظيمى للإخوان، ذلك هو ثروت الخرباوى، الذى قد يمثل فى رأيى أملاً لتيار الإسلام السياسى برمته، يعيد ترتيب نفسه من حوله، متمثلاً كل أخطاء الجماعة فى عهد ما قبل 30 يونيو، وإذا التزمنا بمثل الاتحاد السوفيتى الذى طرحته فى مقالى، أمس، ففى الوقت الذى يماثل القادة الحاليون للجماعة قادة الكرملين، الذين عجزوا فى شيخوختهم عن التعامل مع المتغيرات الدولية من حولهم، فإن ثروت الخرباوى هو الأقرب لجورباتشوف، الذى أدرك أن الصيغة التى قام عليها الاتحاد السوفيتى لم تعد صالحة للاستمرار، وهو ما أدى فى النهاية للتخلى عنها، والعودة إلى الدولة الوطنية الروسية بشكل حديث.
إن ثروت الخرباوى، برؤيته التاريخية الثاقبة ونظرته الناقدة لتجربة الجماعة، قد يكون فى موقفه المعارض لهذه التجربة هو الأمل الحقيقى فى بعث الحياة من جديد فى تيار الإسلام السياسى بشكل عام على أسس أكثر اتساقاً مع العهد الجديد الذى بدأ يوم 30 يونيو، وأكثر إدراكاً للمتغيرات السياسية التى ينبغى التعامل معها بطريقة نابعة من مقتضيات السياسة وليس من «دوجما» الكفر الإخوانى المتكلس.
لقد أخبرنى ثروت الخرباوى، ذات مرة، بأنه لم يكن يرى كل أخطاء الجماعة، وقت أن كان عضواً بها، لكنه حين اختلف مع قادتها، وخرج منها بدأ ينظر للتجربة برمتها نظرة أخرى، وأخذ يقيمها من خارجها، فوصل إلى ما هو ـ فى رأيى ـ أفضل مراجعة حقيقية مكتملة لفكر جماعة الإخوان ولصيغتها التنظيمية التى تعتمد على أسوأ ما فى أعضائها، أى مبدأ السمع والطاعة الذى يسلب الإنسان أرقى ما فيه، وهو إعمال العقل.
فهل يكون لثروت الخرباوى دور فى المرحلة المقبلة، وهى مرحلة تواجه فيها جماعة الإخوان تحدياً وجودياً قد يكتب نهايتها أو يعيد بعثها فى شكل أكثر عصرية؟!